Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 34-34)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { هُوَ أَفْصَحُ } : الفَصاحَةُ لغةً : الخُلوصُ . ومِنْه فَصُحَ اللبنُ وأَفْصَحَ فهو مُفْصِحٌ وفَصيح أي : خَلَصَ من الرَّغْوَة . ورُوِي / قولُهم : @ 3606ـ … وتحتَ الرَّغْوَةِ اللبنُ الفَصيحُ @@ ومنه فَصُحَ الرجل : جادَتْ لغُته . وأَفْصَحَ : تكلَّم بالعربية . وقيل : بالعكس . وقيل : الفصيح الذي يَنْطِقُ . والأعجمُ : الذي لا ينطقُ . وعن هذا اسْتُعير أَفْصَح الصبحُ أي : بدا ضَوْءُه . وأفصح النصرانيُّ : دنا فِصْحُه بكسرِ الفاءِ وهو عيدٌ لهم . وأمَّا في اصطلاحِ أهل البيانِ فهي خُلُوصُ الكلمة من تنافرِ الحروفِ كقوله : " تَرْعَىٰ الهِعْخِع " . ومن الغرابةِ . كقوله : @ 3607ـ … ومَرْسِناً مُسَرَّجاً @@ ومِنْ مخالفةِ القياس اللغوي كقوله : @ 3608ـ … العَليِّ الأَجْلَل @@ وخُلوصُ الكلام من ضعفِ التأليف كقوله : @ 3609ـ جزىٰ ربُّه عني عَدِيَّ بنَ حاتمٍ … @@ ومن تنافرِ الكلماتِ كقولهِ : @ 3610ـ وقبرُ حربٍ بمكانٍ قَفْرِ وليسَ قربَ قبرِ حَرْبٍ قبرُ @@ ومن التعقيدِ وهو : إمَّا إخلالُ نظمِ الكلامِ فلا يُدْرَىٰ كيفُ يُتوصَّلُ إلى معناه ؟ كقوله : @ 3611ـ وما مثلُه في الناسِ إلاَّ مُمَلَّكاً أبو أمِّه حيٌّ أبوه يُقارِبُهْ @@ وإمَّا عَدَمُ انتقالِ الذهنِ من المعنى الأول إلى المعنى الثاني ، الذي هو لازِمه والمرادُ به ، ظاهراً كقوله : @ 3612ـ سأطلبُ بُعْدَ الدارِ عنكم لِتَقْرَبُوا وَتَسْكُبُ عينايَ الدموعَ لتَجْمُدا @@ وخُلوصُ المتكلم من النطقِ بجميع ذلك فصارتِ الفصاحةُ يوصف بها ثلاثةُ أشياءَ : الكلمةُ والكلامُ والمتكلمُ بخلاف البلاغةِ فإنه لا يُوْصَفُ بها إلاَّ الأخيران . وهذا له موضوعٌ يُوَضَّحُ فيه ، وإنما ذكَرْتُ لك ما ينبِّهُك على أصلِه . و [ قوله ] : " لِساناً " تمييز . قوله : " رِدْءاً " منصوبٌ على الحال . والرِّدْءُ : العَوْنُ وهو فِعْلٌ بمعنى مَفْعول كالدِّفْءِ بمعنى المَدْفوء به . ورَدَأْتُه على عَدُوِّه أَعَنْتُه عليه . ورَدَأْتُ الحائط : دَعَمْتُه بخشَبَة كيلا يَسْقُطَ . وقال النحاس : " يقال : " رَدَأْته وأَرْدَأْته " . وقال سلامة بن جندل : @ 3613ـ ورِدْئي كلُّ أبيضَ مَشْرَفيٍّ شَحيذِ الحَدِّ أبيضَ ذي فُلولِ @@ وقال آخر : @ 3614ـ ألم تَرَ أنَّ أَصْرَمَ كان رِدْئي وخيرَ الناسِ في قُلٍّ ومالِ @@ وقرأ نافع " رِدا " بالنقل ، وأبو جعفر كذلك إلاَّ أنه لم يُنَوِّنْه كأنه أَجْرَىٰ الوصلَ مُجْرَىٰ الوقفِ . ونافعٌ ليس من قاعدتِه النقلُ في كلمةٍ إلاَّ هنا . وقيل : ليس فيه نَقْلٌ وإنما هو مِنْ أَرْدَىٰ على كذا . أي : زاد . قال الشاعر : @ 3615ـ وأسمرَ خَطِّيّاً كأنَّ كُعُوبَه نوَىٰ القَسْبِ قد أَرْدَىٰ ذِراعاً على العَشْرِ @@ أي : زاد [ وأنشده الجوهريُّ : قد أَرْبَىٰ ، وهو بمعناه ] . قوله : { يُصَدِّقُنِي } قرأ حمزةُ وعاصمٌ بالرفع على الاستئناف أو الصفةِ لـ " رِدْءاً " أو الحالِ من هاء " أَرْسِلْه " ، أو من الضميرِ في " رِدْءاً " . والباقون بالجزمِ جواباً للأمرِ . وزيد بن علي واُبَيٌّ " يُصَدِّقوني " ِأي : فرعونُ ومَلَؤُه . قال ابن خالويه : " وهذا شاهدٌ لِمَنْ جَزَم ؛ لأنه لو كان رفعاً لقال " يُصَدِّقونَني " يعني بنونين " . وهذا سهوٌ من ابن خالويه ؛ لأنه متى اجتمعَتْ نونُ الرفعِ من نون الوقايةِ جازَتْ أوجهٌ ، أحدها : الحذفُ ، فهذا يجوزُ أن يكونَ مرفوعاً ، وحَذْفُ نونِه لما ذكرْتُ لك . وقد تقدم تحقيقُ هذا في الأنعام وغيرِها . وحكاه الشيخُ عن ابنِ خالَويه ولم يُعْقِبْه بنَكير .