Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 32-32)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مِنَ ٱلرَّهْبِ } : متعلِّقٌ بأحدِ أربعةِ أشياء : إمَّا بـ " وَلَّىٰ " ، وإمَّا بـ " مُدْبِراً " ، وإمَّا بـ " اضْمُمْ " ويظهر هذا الثالث إذا فَسَّرنا الرَّهْبَ بالكُمِّ ، وإمَّا بمحذوفٍ أي : [ تَسْكُن ] من الرَّهْب . وقرأ حفصٌ بفتح الراءِ وإسكانِ الهاء . والأخَوان وابنُ عامرٍ وأبو بكرٍ بالضمِّ والإِسكان . والباقون بفتحتين . والحسن وعيسى والجحدريُّ وقتادة بضمتين . وكلُّها لغاتٌ بمعنى الخَوْفِ . وقيل : هو بفتحتين الكُمُّ بلغةِ حِمْير وحنيفة . قال الزمخشري : " هو مِنْ بِدَع التفاسير " قال : " وليت شعري كيف صِحَّتُه في اللغةِ ، وهل سُمِع من الثقاتِ الأثباتِ الذين تُرْتَضَى عربيتُهم ؟ ثم ليت شعري كيف موقعُه في الآيةِ وكيف تطبيقُه المفصَّلُ كسائرِ كلماتِ التنزيل . على أنَّ موسى صلوات الله عليه ليلةَ المُناجاة ما كان عليه إلاَّ رُزْمانِقَةٌ من صوف لا كُمَّيْ لها " الرُّزْمانِقَةُ : المِدْرَعَة . قال الشيخ : " هذا مرويٌّ عن الأصمعي ، وهو ثقةٌ سمعهم يقولون : أَعْطِني ما رَهْبِك أي : كُمِّك . وأمَّا قولُه كيف موقعُه ؟ فقالوا : معناه أخرِجْ يدَك مِنْ كُمِّك " قلت : كيف يَسْتقيم هذا التفسير ؟ يُفَسِّرون اضْمُمْ بمعنى أَخْرِجْ . وقال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : قد جُعِل الجناحُ وهو اليدُ في أحد الموضعين مضموماً ، وفي الآخر مضموماً إليه ، وذلك قوله : { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } وقوله { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } فما التوفيقُ بينهما ؟ قلت : المرادُ بالجناحِ المضمومِ [ هو ] اليدُ اليمنى ، وبالجناح المضمومِ إليه هو اليدُ اليُسْرىٰ ، وكلُّ واحدةٍ مِنْ يُمْنى اليدين ويُسْراهما جناح " . قوله : { فَذَانِكَ } قد تقدَّمَ قراءةُ التخفيفِ والتثقيلِ في سورة النساء وقرأ ابن مسعود وعيسىٰ وشبل وأبو نوفل بياءٍ بعد نونٍ مكسورةٍ ، وهي لغةُ هُذَيْلٍ . وقيل : تميمٌ . ورَوَىٰ شبل عن ابن كثير بياءٍ بعد نونٍ مفتوحةٍ . وهذا على لغةِ مَنْ يفتح نونَ التثنيةِ ، كقوله : @ 3604ـ على أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقلَّتْ عَشِيَّةً فما هي إلاَّ لَمْحَةٌ وتَغيبُ @@ والياءُ بدلٌ من إحدىٰ النونين كـ " تَظَنَّيْت " . وقرأ عبد الله بتشديدِ النون وياءٍ بعدها . ونُسِبَتْ لهُذَيْل . قال المهدوي : بل لغتُهم تخفيفُها . ولا أظنُّ الكسرةَ هنا إلاَّ إشباعاً كقراءةِ هشام { أَفْئِيدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ } [ إبراهيم : 37 ] . و " ذانِكَ " إشارةٌ إلى العصا واليد وهما مؤنثتان ، وإنما ذُكِّر ما أُشير به إليهما لتذكيرِ خبرِهما وهو برهانان ، كما أنه قد يُؤَنَّثُ لتأنيثِ خبرِه كقراءةِ { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ } [ الأنعام : 23 ] فيمَنْ أََنَّثَ ، ونَصَبَ " فِتْنَتَهم " ، وكذا قولُ الشاعر : @ 3605ـ … فقد خابَ مَنْ كانَتْ سَرِيْرَتَه الغَدْرُ @@ وتقدَّم إيضاحُ هذا في الأنعام . والبُرْهان تقدَّم اشتقاقُه . وقال الزمخشري هنا : " فإنْ قلتَ : لِمَ سُمِّيَتِ الحُجَّةُ بُرْهاناً ؟ قلت : لبياضِها وإنارتِها ، مِنْ قولِهم للمرأةِ البيضاء " بَرَهْرَهَةُ " بتكريرِ العين واللام . والدليلُ على زيادةِ النون قولهم : أَبْرَهَ الرجلُ إذا جاء بالبُرْهان . ونظيرُه تسميتُهم إياها سُلْطاناً ، من السَّليطِ وهو الزيتُ لإِنارتِها " . قوله : { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } متعلقٌ بمحذوفٍ فقدَّره أبو البقاء " مُرْسَلاً إلى فرعونَ " وغيرُه : اذهَبْ إلى فرعون . وهذا المقدَّرُ ينبغي أن يكونَ حالاً مِنْ " برهانان " أي : مُرْسَلاً بهما إلى فرعونَ . والعاملُ في هذه الحالِ ما في اسمِ الإِشارةِ .