Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 50-50)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مِمَّآ أَفَآءَ } : بيانٌ لِما مَلَكَتْ وليس هذا قَيْداً ، بل لو ملكَتْ يمينُه بالشراء كان الحكمُ كذا ، وإنما خَرَجَ مَخَرَجَ الغالِب . قوله : " وامرأةً " العامَّةُ على النصب . وفيه وجهان ، أحدهما : أنها عطفٌ على مفعولِ " أَحْلَلْنا " أي : وأَحْلَلْنا لك امرأةً موصوفةً بهذين الشرطين . قال أبو البقاء : " وقد رَدَّ هذا قومٌ وقالوا : " أَحْلَلْنا " ماضٍ و " إنْ وَهَبَتْ " وهو صفةُ المرأة مستقبلٌ ، فأَحْلَلْنا في موضع جوابِه ، وجوابُ الشرط لا يكونُ ماضياً في المعنى " قال : " وهذا ليس بصحيحٍ لأنَّ معنى الإِحلالِ ههنا الإِعلامُ بالحِلِّ إذا وقع الفعلُ على ذلك كما تقول : أَبَحْتُ لك أَنْ تُكلِّمَ فلاناً إنْ سَلَّم عليك " . الثاني : أنه ينتصِبُ بمقدرٍ تقديرُه : ويُحِلُّ لك امرأةً . قوله : " إنْ وَهَبَتْ … إنْ أرادَ " هذا من اعتراضِ الشرط على الشرطِ ، والثاني هو قيدٌ في الأولِ ، ولذلك نُعْرِبه حالاً ، لأنَّ الحالَ قيدٌ . ولهذا اشترط الفقهاءُ أن يتقدَّمَ الثاني على الأولِ في الوجود . فلو قال : " إنْ أكلْتِ إنْ ركبْتِ فأنتِ طالقٌ " فلا بُدَّ أنْ يتقدَّم الركوبُ على الأكلِ . وهذا لِتَتَحَقَّقَ الحاليةُ والتقييدُ كما ذكرْتُ لك ؛ إذ لو لم يتقدَّمْ لخلا جزءٌ من الأكل غيرُ مقيدٍ بركوبٍ ، فلهذا اشترطُوا تقدُّمَ الثاني . وقد مضى تحقيقُ هذا ، وأنَّه بشرطِ أَنْ لا تكونَ ثَمَّ قرينةٌ تمنعُ من تقدُّمِ الثاني على الأولِ . كقولك : " إنْ تَزَوَّجْتُكِ إنْ طَلَّقْتُكِ فعَبْدي حُرٌّ " لا يُتَصَوَّرُ هنا تقديمُ الطلاق على التزويج . إلاَّ أني قد عَرَضَ لي إشكالٌ على ما قاله الفقهاء بهذه الآية : وذلك أن الشرطَ الثاني هنا لا يمكُنُ تقدُّمُه في الوجودِ بالنسبةِ إلى الحكمِ الخاص بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا أنه لا يمكن عقلاً . وذلك أن المفسِّرين فَسَّروا قولَه تعالى : " إنْ أرادَ " بمعنى قبِلَ الهِبَةَ ؛ لأنَّ بالقبول منه عليه السلام يَتِمُّ نكاحُه وهذا لا يُتَصَوَّرُ تقدُّمه على الهِبة ؛ إذ القبولُ متأخرٌ . وأيضاً فإنَّ القصةَ كانَتْ على ما ذَكَرْتُه مِنْ تأخُّر إرادتِه عن هِبَتِها ، وهو مذكورٌ في التفسيرِ . والشيخ لَمَّا جاء إلى ههنا جعلَ الشرطَ الثاني متقدِماً على الأول على القاعدة العامةِ ولم يَسْتَشْكِلْ شيئاً مِمَّا ذكرته . وقد عَرَضْتُ هذا الإِشكالَ على جماعةٍ من أعيان زمانِنا فاعترفوا به ، ولم يَظْهر عنه جوابٌ ، إلاَّ ما / قَدَّمْتُه مِنْ أنه ثَمَّ قرينةٌ مانعةٌ من ذلك كما مثَّلْتُ لك آنفاً . وأبو حيوةَ " وامرأة " بالرفع على الابتداء ، والخبرُ مقدرٌ أي : أَحْلَلْناها لك أيضاً . وفي قوله : { إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ } التفاتٌ من الخطاب إلى الغَيْبة بلفظِ الظاهر تنبيهاً على أنَّ سببَ ذلك النبوَّةُ ، ثم رَجَعَ إلى الخطاب فقال : خالصةً لك . وقرأ أُبَيُّ والحسنُ وعيسى " أَنْ " بالفتح وفيه وجهان ، أحدهما : أنه بدلٌ مِنْ " امرأة " بدلُ اشتمالٍ ، قاله أبو البقاء . كأنه قيل : وأَحْلَلْنا لك هِبَةَ المرأةِ نفسَها لك . الثاني : أنَّه على حَذْفِ لامِ العلَّة أي : لأَنْ وهبت . وزيدُ بن علي " إذ وَهَبَتْ " وفيه معنى العِلِّيَّة . قوله : " خالصةً " العامَّةُ على النصبِ . وفيه أوجهٌ ، أحدها : أنَّه منصوبٌ على الحالِ مِنْ فاعلِ " وَهَبَتْ " . أي : حالَ كونِها خالصةً لك دونَ غيرك . الثاني : أنها حالٌ من " امرأةٌ " لأنها وُصِفَتْ فتخصَّصَتْ وهو بمعنى الأول . وإليه ذهب الزجَّاج . الثالث : أنها نعتُ مصدرٍ مقدرٍ أي : هِبةً خالصةً . فنصبَها بوَهَبَتْ . الرابع : أنها مصدرٌ مؤكدٌ كـ { وَعْدَ ٱللَّهِ } [ النساء : 122 ] . قال الزمخشري : " والفاعلُ والفاعلةُ في المصادر غيرُ عزيزَيْن كالخارِج والقاعِد والكاذِبة والعافِية " . يريد بالخارج ما في قولِ الفرزدق : @ 3709 ـ … ولا خارِجاً مِنْ فِيَّ زُوْرُ كَلامِ @@ وبالقاعدِ ما في قولهم " أقاعِداً وقد سار الرَّكْبُ " وبالكاذبة ما في قوله تعالى : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } . وقد أنكر الشيخُ عليه قولَه " غير عزيزَيْن " وقال : " بل هما عزيزان ، وما وَرَدَ متأوَّلٌ " . وقُرِئ " خالِصَةٌ " بالرفع . فإنْ كانَتْ " خالصةً " حالاً قُدِّرَ المبتدأُ " هي " أي : المرأةُ الواهبةُ . وإن كانَتْ مصدراً قُدِّر : فتلك الحالةُ خالصة . وَ " لك " على البيان أي : أعني لك نحو : سَقْياً لك . قوله : " لكيلا " متعلِّقٌ بـ " خالصةً " وما بينهما اعتراضٌ و " مِنْ دون " متعلِّقٌ بـ " خالصةً " كما تقول : خَلَصَ مِنْ كذا .