Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 37-37)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { رَبَّنَآ } : على إضمارِ القولِ ، وذلك القولُ إنْ شئْتَ قَدَّرْتَه فعلاً مُفَسِّراً لـ " يَصْطَرِخون " أي : يقولون في صُراخِهم : ربَّنا أَخْرِجْنا ، وإنْ شِئْتَ قَدَّرْتَه حالاً مِنْ فاعل " يَصْطَرخون " أي : قائلين ربَّنا . ويَصْطَرخون : يَفْتَعِلون مِن الصُّراخ وهو شدَّةُ رَفْعِ الصوتِ فأُبْدِلت التاءُ صاداً لوقوعِها قبلَ الطاء . قوله : { صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } يجوزُ أَنْ يكونا بمعنى مصدرٍ محذوفٍ أي : عملاً صالحاً غيرَ الذي كنا نعملُ ، وأَنْ يكونا بمعنى مفعولٍ به محذوفٍ أي : نعمل شيئاً صالحاً غيرَ الذي كنَّا نعملُ ، وأَنْ يكونَ " صالحاً " نعتاً لمصدرٍ ، و { غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } هو المفعولُ به . وقال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : فهَلاَّ اكْتُفي بـ " صالحاً " كما اكْتُفِي به في قولِه : { فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } [ السجدة : 12 ] ، وما فائدةُ زيادةِ { غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } على أنه يُوْهِمُ أنهم يعملون صالحاً آخرَ غيرَ الصالحِ الذي عملوه ؟ قلت : فائدتُه زيادةُ التحسُّر على ما عَمِلوه من غيرِ الصالح مع الاعترافِ به . وأمَّا الوهمُ فزائلٌ بظهورِ حالهم في الكفرِ وظهورِ المعاصي ، ولأنَّهم كانوا يَحْسَبُون أنهم على سيرةٍ صالحةٍ ، كما قال تعالى : { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } [ الكهف : 104 ] فقالوا : أَخْرِجْنا نعمَلْ صالحاً غيرَ الذي كُنَّا نَحْسَبُه صالحاً فنعملُه " . قوله : " ما يَتَذكَّر " جوَّزوا في " ما " هذه ، وجهين ، أحدهما : - ولم يَحْكِ الشيخُ غيرَه - أنها مصدريةٌ ظرفية قال : أي مدةَ تَذَكُّرِ . وهذا غَلَطٌ ؛ لأنَّ الضميرَ في " فيه " يمنعُ مِنْ ذلك لعَوْدِهِ على " ما " ، ولم يَقُلْ باسميَّةِ " ما " المصدريةِ إلاَّ الأخفشُ وابنُ السَّراج . الثاني : أنها نكرةٌ موصوفةٌ أي تعمُّراً يتذكر فيه ، أو زماناً يتذكَّر فيه . وقرأ الأعمشُ " ما يَذَّكَّرُ " بالإِدغام " مَنِ اذَّكَّر " . قال الشيخُ : " بالإِدغام واجتلابِ همزةِ الوصلِ ملفوظاً بها في الدَّرْج " . وهذا غريبٌ حيث أُثْبِتَتْ همزةُ الوصلِ مع الاستغناءِ عنها ، إلاَّ أَنْ يكونَ حافَظَ على سكون " مَنْ " وبيانِ ما بعدها . قوله : " وجاءكم " عطفٌ على " أولم نُعَمِّرْكم " لأنَّه في معنى : قد عَمَّرْناكم ، كقولِه : { أَلَمْ نُرَبِّكَ } [ الشعراء : 18 ] ثم قال : { وَلَبِثْتَ } [ الشعراء : 18 ] ، { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ } [ الانشراح : 1 ] ثم قال { وَوَضَعْنَا } [ الانشراح : 2 ] إذ هما في معنى : رَبَّيْناك ، وشَرَحْنا . قوله : " مِنْ نصير " يجوزُ أَنْ يكون فاعِلاً بالجارِّ لاعتمادِه ، وأنْ يكونَ مبتدأً مُخْبَراً عنه بالجارِّ قبلَه . وقُرِئ " النُّذُرُ " جمعاً .