Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 141-141)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ } : فيه ستة أوجه ، أحدها : أنه بدلٌ من قوله : { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ } فيجيء فيه الأوجه المذكورة هناك . الثاني : أنه نعتٌ للمنافقين على اللفظ فيكون مجرورَ المحل . الثالث : أنه تابعٌ لهم على الموضعِ فيكونُ منصوبَ المحلِّ ، وقد تقرر أنَّ اسمَ الفاعلِ العاملَ إذا أُضيفَ إلى معمولِه جاز أن يُتْبَعَ معمولُه لفظاً وموضعاً ، تقول : " هذا ضاربٌ هندٍ العاقلةِ والعاقلةَ " بجرِّ العاقلة ونصبِها . الرابع : أنه منصوبٌ على الشتم . الخامس : أنه خبرُ مبتدأ مضمر أي : هم الذين . السادس : - وذكره أبو البقاء - أنه مبتدأ والخبرُ قولُه : " فإنْ كان لكم فتحُ " وهذا ضعيفٌ لنبوِّ المعنى عنه ولزيادةِ الفاءِ في غيرِ محلِّها ، لأنّ هذا الموصولَ غيرُ ظاهرِ الشبهِ باسم الشرط . قوله : { وَنَمْنَعْكُمْ } الجمهورُ على جزمه عطفاً على ما قبله . وقرأ ابن أبي عبلة بنصب العين وهي ظاهرةٌ ، فإنه على إضمار " أن " بعد الواو المقتضية للجمع في جوابِ الاستفهام كقول الحطيئة : @ 1666 - ألم أكُ جارَكمْ ويكونَ بيني وبينكمُ المودةُ والإخاءُ @@ وعَبَّر ابنُ عطية بعبارة الكوفيين فقال : " بفتحِ العين على الصرف " ويعنون بالصرف عدمَ تشريكِ الفعلِ مع ما قبلَه في الإِعراب . وقرأ أُبَي : " ومنعناكم " فعلاً ماضياً وهي ظاهرةٌ أيضاً لأنه حُمِلَ على المعنى ، فإن معنى " ألم نستحوذ " : إنَّا قد استحوذنا ، لأنَّ الاستفهامَ إذا دخل على نفي قَرَّره ، ومثلُه : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا } [ الشرح : 1 - 2 ] لَمَّا كان " ألم نشرح " في معنى " قد شرحنا " عُطِفَ عليه " ووضَعْنا " . ونستحوذ واستحوذ مِمَّا شَذَّ قياساً وفَصُحَ استعمالاً / لأنَّه مِنْ حقه نَقْلُ حركةِ حرفِ علتِه إلى الساكن قبلها ، وقَلْبُها ألفاً كاستقام واستبان وبابه ، وقد قدمت تحقيق هذا في قوله : { نَسْتَعِينُ } [ الآية : 5 ] في الفاتحة ، وقد شَذَّت معه الفاظُ أُخَرُ نحو : " أَغْمَيتْ وأَغْيلتْ المرأة وأَخْيلت السماء " قصرها النحويون على السماع ، وقاسَها أبو زيد . والاستحواذ : التغلُّب على الشيء والاستيلاءُ عليه . ومنه : { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ } [ المجادلة : 19 ] . ويقال : " حاذَ وأحاذ " بمعنى ، والمصدُر الحَوْذ . وقوله : { يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } قيل : هنا معطوفٌ محذوف أي : وبينهم كقوله : @ 1667 - فما كانَ بين الخيرِ لو جاء سالماً أبو حُجُرٍ إلا ليالٍ قلائِلُ @@ أي : وبيني ، والظاهرُ أنه لا يَحْتاج لذلك ، لأن الخطاب في " بينكم " شاملٌ للجميع ، والمرادُ المخاطبون والغائبون ، وإنما غَلَّبَ الخطاب لِما عَرَفْتَ من لغة العرب . قوله : { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } يجوز أن يتعلقَ بالجَعْلِ ، ويجوز أَنْ يتعلَّق بمحذوفٍ ؛ لأنه في الأصلِ صفةٌ لـ " سبيلا " فلمَّا قُدِّم عليه انتصبَ حالاً عنه .