Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 140-140)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَدْ نَزَّلَ } قرأ الجماعة : " نُزِّل " مبنياً للمفعول ، وعاصم / قرأه مبنياً للفاعل ، وأبو حيوة وحميد " نَزَل " مخففاً مبنياً للفاعل ، والنخعي " أُنْزِل " بالهمزة مبنياً للمفعول . والقائمُ مقامَ الفاعلِ في قراءةِ الجماعة والنخعي هو " أَنْ " وما في حَيِّزها أي : وقد نَزَّل عليكم المنعَ من مجالستهم عند سماعِكم الكفرَ بالآيات والاستهزاءَ بها . وأمّا في قراءةِ عاصم فـ " أَنْ " مع ما بعدها في محل نصب مفعولاً به بـ " نزَّل " والفاعل ضميرُ الله تعالى كما تقدم . وأما في قراءة أبي حيوة وحميد فمحلُّها رفع بالفاعلية لـ " نزل " مخففاً ، فمحلها : إمّا نصب على قراءة عاصم أو رفع على قراءة غيره ، ولكن الرفع مختلف . و " أن " هذه هي المخففةُ من الثقيلة ، واسمها ضمير الأمر والشأن ، أي : أنَّ الأمر والشأن إذا سمعتم الكفر والاستهزاء فلا تقعدوا . قال الشيخ " وما قَدَّره أبو البقاء من قوله : " أنكم إذا سمعتم " ليس بجيد ، لأن " أن " المخففة لا تعمل إلاَّ في ضمير الشأن ، إلا في ضرورة كقوله : @ 1662 - فلو أَنْكِ في يومِ الرخاءِ سَأَلْتِني طلاقَك لم أبخَلْ وأنتِ صديقُ @@ هكذا قال ، ولم أَرَه أنا في إعراب أبي البقاء إلا أنه بالهاء دون الكاف والميم . والجملةُ الشرطية المنعقدةُ من " إذا " وجوابها في محل رفع خبراً لـ " أَنْ " ومن مجيء الجملة الشرطية خبراً لـ " أنْ " المخففة قوله : @ 1663 - فعلمْتُ أَنْ ما تَتَّقُوه فإنه جَزْرٌ لِخامعةٍ وفَرْخِ عقابِ @@ فـ " ما " شرطيةٌ و " فإنه " جوابُها ، والجملةُ خبرٌ لـ " أن " المخففةِ . قوله : { يُكَفَرُ بِهَا } في محلِّ نصبٍ على الحال من الآيات ، و " بها " في محلِّ رفعٍ لقيامِه مقامَ الفاعلِ ، وكذلك في قولِه { وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا } والأصل : يَكفر بها أحدٌ ، فلمَّا حُذِف الفاعلُ قام الجارُّ والجرورُ مقامه ، ولذلك رُوعي هذا الفاعلُ المحذوف ، فعاد عليه الضميرُ من قوله " معهم " " حتى يخوضوا " كأنه قيل : إذا سمعتم آياتِ الله يَكْفُر بها المشركون ويستهزئ بها المنافقون فلا تَقْعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيرِه أي : غيرِ حديث الكفر والاستهزاء ، فعاد الضمير في " غيره " على ما دلَ عليه المعنى . وقيل : الضمير في " غيره " يجوزُ أَنْ يعود على الكفر والاستهزاء المفهومَيْن من قوله " يكفر بها " و " يستهزأ بها " وإنما أفرد الضمير وإن كان المراد به شيئين لأحد أمرين : إمَّا لأنَّ الكفرَ والاستهزاء شيءٌ واحدٌ في المعنى ، وإمَّا لإِجراءِ الضميرِ مُجْرى اسمِ الإشارةِ نحو : { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } [ البقرة : 68 ] و [ قوله : ] @ 1664 - كأنَّه في الجِلْدِ توليعُ البَهَقْ @@ وقد تقدَّم تحقيقُه في البقرة . و " حتى " غايةٌ للنهي ، والمعنى : أنه يجوز مجالستهم عند خوضِهم في غيرِ الكفر والاستهزاء . وقوله : { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } " إذنْ " هنا مُلْغَاةٌ لوقوعها بين مبتدأ وخبر . والجمهور على رفعِ اللام في " مثلُهم " على خبرِ الابتداء . وقرئ شاذاً بفتحها ، وفيها تخريجان ، أحدهما : - وهو قولُ البصريين - أنه خبر أيضاً ، وإنما فُتِح لإِضافته إلى غير متمكن كقوله تعالى : { إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } [ الذاريات : 23 ] بفتح اللام ، وقول الفرزدق : @ 1665 - … … وإذما مثلَهم بشرُ @@ في أحدِ الأوجه . والثاني : - وهو قولُ الكوفيين - أن " مثل " يجوز نصبُها على المحل أي الظرف ، ويجيزون : " زيد مثلك " بالنصب على المحل أي : زيدٌ في مثلِ حالك . وأفرد " مثل " وإن أخبر به عن جمع ولم يُطابق به كما طابق ما قبله في قوله : { ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [ محمد : 38 ] ، وقوله { وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ } [ الواقعة : 22 - 23 ] : قال أبو البقاء وغيرُه : " لأنه قَصَدَ به هنا المصدرَ فوحَّد كما وحَّد في قوله : { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } [ المؤمنون : 47 ] . وتحرير المعنى : أن التقدير : إن عصيانكم مثلُ عصيانهم ، إلا أنَّ تقدير المصدرية في قوله " لبشر مثلنا " قلق .