Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 71-71)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

( والحَذَر والحِذْر ) لغتان بمعنىً . قيل : ولم يُسْمَعْ في هذا التركيبِ إلا : " خُذْ حِذْرك " بالكسر لا " حَذَرك " قوله : " ثُباتٍ " نصب على الحال ، وكذا [ " جميعاً " ، والمعنى : انفروا جماعاتٍ في تفرقةٍ سَرِيَّةً بعد سرية أو مجتعين كوكبةً واحدة ] قال الشيخ : ولم يُقْرأ فيما عَلِمْتُ إلا بكسر التاء " . انتهى . وهذه هي اللغة الفصيحة . وبعضُ العرب ينصِبُ جمعَ المؤنثِ السالم ، إذا كان معتلِّ اللام معوَّضاً منها تاءُ التأنيثِ بالفتحة ، وأنشد الفراء . @ 1604ـ فلمَّا جَلاها بالأُيام تَحيَّزَتْ ثباتاً عليها ذُلُّها واكتئابُها @@ وقرئ شاذاً : " ويَجْعلون لله البناتَ " بالفتحة . وحُكِي : " سمعتُ لغاتَهم " وزعم الفارسي أنَّ الوارد من ذلك مفردٌ رُدَّتْ لامُه ؛ لأنَّ الأصلَ : " لُغَوَة " فلمَّا رُدَّتِ اللامُ قُلِبَتْ ألفاً ، وقد رُدَّ على الفارسي بأنه يلزمه الجمعُ بين العوض والمعوض منه ، ويَرُدُّ عليه أيضاً القراءةُ المتقدمةُ في " البناتَ " لأنَّ المفردَ منه مكسورُ الفاء ، وهذه المسألةُ قد أوْضَحتُها في كتابي " شرح التسهيل " غايةَ الإِيضاح . و " ثباتٍ " جمعُ ثُبَة ووزنُها في الأصلِ : فُعَلة كحُطَمة ، وإنما حُذِفت لامُها وعُوِّض منها تاءُ التأنيث ، وهل لامُها واو أو ياء ؟ قولان حجة القول الأول أنها مشتقة من ثَبا يَثْبوا كخلا يَخْلو أي : اجتمع ، وحجةُ الثاني أنها مشتقةٌ من ثَبَيْتُ على الرجل إذا أثنيتُ عليه كأنك جمعت محاسنَة ، وتُجمع بالألف والتاء وبالواو والنون ، ويجوز في فائِها حين تُجمع على " ثُبين " الضمُّ والكسرُ ، وكذا كل أشبهَها نحو : " قُلة " و " بُرة " ما لم تُجْمَعْ جمع تكسير . والثُّبَةُ : الجماعةُ من الرجال تكون فوق العشرة . وقيل : الاثنان والثلاثة ، وتُصَغَّرُ على " ثُبَيَّة " بردِّ المحذوفِ ، وأمَّا " ثُبَةُ الحوضِ " وهي وسَطُه فالمحذوفُ عينُها لأنها من باب يَثُوب الماءُ أي يَرْجِعُ ، تُصَغَّر على " ثُوَيْبة " كقولك في تصغير سَنَة : " سُنَيْهة " . والنَّفَر : الفَزَعُ ، يقال : نَفَر إليه أي : فَزِع إليه ، وفي مضارعه لغتان : ضمُّ العينِ وكسرُها ، وقيل : يُقال : نَفَر الرجل يَنْفِر بالكسر ، ونَفَرت الدابةُ تنفُر بالضم فَفَرَّقوا بينهما في المضارع ، وهذا الفرق يَرُدُّه قراءة الأعمش " فانفُروا " " أو انفُروا " بالضم فيهما . والمصدرُ : النَّفير والنُّفور والنَّفْر ، والنَّفَر : الجماعةُ كالقوم والرهط . قوله : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ } " منكم " خبر مقدم لـ " إنَّ " واسمُها " لَمَنْ " دخلت اللام على الاسم تأكيداً لَمَّا فُصِل بينه وبينها بالخبر ، " ومَنْ " يجوزُ أن تكونَ موصولةً أو نكرةً موصوفةً ، واللامُ في " لَيُبَطِّئَنْ " فيها قولان ، أصحُّهما : انها جوابُ قسمٍ محذوفٍ تقديره : أقسم الله ليبطِّئَن ، والجملتان - أعني القسمَ وجوابه - صلةٌ لـ " مَنْ " أو صفةٌ هلا على حَسَبِ القولين المتقدمين ، والعائدُ على كلا التقديرين هو الضمير المرفوعُ بـ " ليبطِّئن " والتقديرُ : وإنَّ منكم للذي - أو لفريقاً " واللَّهِ ليبطِّئن . واستدلَّ بعضُ النحاةِ بهذه الآيةِ على أنه يجوز وصلُ الموصولِ بجملةِ القسمِِ وجوابِه إذا عَرِيَتْ جملةُ القسمِ من ضمير عائد على الموصول نحو : " جاء الذي أحلفُ باللَّهِ لقد قام أبوه " وجَعَلَه ردَّاً على قدماء النحاةِ حيث زعموا منعَ ذلك ، ولا دَلالةً في ذلك ، إذ لقائلٍ أن يقول : ذلك القسمُ المحذوفُ لا أقدِّرُه إلا مشتملاً على ضميرٍ عائدٍ الموصول . والقول الثاني - نقله ابن عطية عن بعضِهم - أنها لام التأكيد بعد تأكيد ، وهذا خطأُ من قائله . والجمهورُ على " لَيُبَطِّئَنْ " بتشديد الطاء ، ومجاهد بالتخفيف ، وعلى كلتا القراءتين يحتمل أن يكون الفعل لازماً ومتعدياً ، يقال : أَبْطَأَ وبَطَّأَ بمعنى بَطُؤَ أي : تكاسل وتثبَّط ، فهذان لازمان ، وإنْ قَدَّر أنهما متعدِّيان فمفعولُهما محذوفٌ أي : ليبطِّئَنْ غيرَه أي : يُثَبِّطه ويُجْبِنُه عن القتال . و " إذا لم أكن " ظرفٌ ناصبُه " أنعم الله " .