Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَتَبَيَّنُواْ } : قرأ الأخوان من التثبُّت ، والباقون من البيان ، قيل : هما متقاربان لأن مَنْ تَثَّبت في الشيء تبينه ، قاله أبو عبيد ، وصَحَّحه ابن عطية وقال الفارسي : " التثبُّت هو خلاف الإِقدام والمراد التَّأنِّي ، والتثبت أشد اختصاصاً بهذا الموضع ، يدل عليه قوله : { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } [ النساء : 66 ] أي : أشدُّ وقعاً لهم عَمَّا وُعِظوا به بأَنْ لا يقدُموا عليه " فاختارَ قراءة الأخوين . وعكس قومٌ فرجَّحوا قراءة الجماعة قالوا : لأن المثبِّت قد لا يتبيَّن ، وقال الراغب : " لأنه قلَّ ما يكون إلا بعد تثبُّت ، وقد يكون التثبت ولا تبيُّنَ ، وقد قوبل العجلة في قوله عليه السلام : " التبيُّن من الله والعجلةُ من الشيطان " قلت : فهذا يقوي قراءة الأخوين أيضاً . وتَفَعَّل في كلتا القراءتين بمعنى استفعل الدال على الطلب أي : اطلبوا التثبيت أو البيان . وقوله : { لِمَنْ أَلْقَىۤ } اللام للتبليغ هنا ، و " مَنْ " موصولة . أو مفصولةٌ ، و " ألقى " هنا ماضي اللفظِ ، إلا أنه بمعنى المستقبل أي : لمن يُلْقي ، لأنَّ النهيَ لا يكونُ عَمَّا وقع وانقضى ، والماضي إذا وقع صلة صَلَح للمضيِّ والاستقبال . وقرأ نافع وابن عامر وحمزة : " السَّلَم " بفتح السين واللام من غير ألف ، وباقي السبعة : " السلام " بألف ، ورُوي عن عاصم : " السِّلْم " بكسر السين وسكون اللام . فأما " السلام " فالظاهر أنه التحية . وقيل : الاستسلام والانقياد ، والسَّلَم - بفتحهما - الانقياد فقط ، وكذا { ٱلسِّلْمِ } [ الآية : 208 ] بالكسر والسكون . والجحدري بفتحها وسكون اللام ، وقد تَقَدَّم القول فيها في البقرة فعليك بالالتفات إليه . والجملة من قوله " لست مؤمناً " في محل نصب بالقول . والجمهور على كسر الميم الثانية من " مؤمناً " اسم فاعل وأبو جعفر بفتحها اسمَ مفعول أي : لانُؤَمِّنك في نفسك ، وتُروى هذه القراءة عن علي وابن عباس ويحيى بن يعمر . قوله { تَبْتَغُونَ } في محل نصب على الحال من فاعل " تقولوا " أي : لا تقولوا ذلك مبتغين . قوله : " كذلك " هذا خبر لـ " كان " قُدِّم عليها وعلى اسمها أي : كنتم من قبل الإِسلام مثلَ مَنْ أقدم ولم يَتَثَبَّتْ . وقوله { فَمَنَّ ٱللَّهُ } الظاهر أن هذه الجملة من تتمة قوله { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } فهي معطوفة على الجملة قبلها . وقيل : بل هي من تتمة قوله " تبتغون " والأولُ أظهر : وقوله : " فتبيِّنوا " قرئت كالتي قبلها فقيل : هي تأكيد لفظي للأولى ، وقيل : ليست للتأكيد لاختلاف متعلقهما ، فإنَّ تقدير الأول : " فتبيَّنوا في أمر مَنْ تقتلونه " ، وتقدير الثاني : فتبينوا نعمةَ الله ، أو تثبَّتوا فيها ، والسياقُ يدل على ذلك ، ولأنَّ الأصل عدم التأكيد . والجمهور على كسر همزة " إنَّ الله " ، وقرئ بفتحها على أنها معمولة لـ " تبينَّوا " أو على حذف لام العلةِ ، وإن كان قد قرئ بالفتح مع التثبيت فيكونُ على لام العلة لا غير . والمغانم : جمع " مَغْنَم " وهو يصلح للمصدر والزمان والمكان ، ثم يُطلق على [ كل ] ما يؤخذ من مال العدو في الغزو ، إطلاقاً للمصدر على اسم المفعول نحو : " ضَرْب الأمير " .