Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 32-32)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ } : فيه وجهان ، أظهرُهما : أنه متعلق بـ " كتبنا " ، و " ذلك إشارةٌ إلى القتل ، والأجْلُ في الأصل هو الجناية ، يقال : أَجَلَ الأمر إجْلاً وأَجْلاً بفتح الهمزة وكسرها إذا جَناه وحدَه ومنه قولُ زهير : @ 1719 - وأهلِ خباءٍ صالحٍ ذاتُ بينِهم قد احتربوا في عاجلٍ أنا آجِلُهْ @@ أي : جانيه ، ومعنى قول الناس : " فَعَلْتُه من أجْلِك ولأجلك " أي : بسببك ، يعني مِنْ أَنْ جَنَيْتَ فَعْلَه وأوجبته ، وكذلك قولهم : " فَعَلْتُه من جَرَّائك " أصله مِنْ أَنْ جَرَرْتُه ، ثم صار يستعمل بمعنى السبب ، ومنه الحديث : " مِنْ جَرَّاي " أي من أجلي . و " من " لابتداء الغاية أي : نشأ الكَتْبُ وابتدأ من جناية القتل ، ويجوزُ حَذْفُ " مِنْ " واللام وانتصابُ " أَجْل " على المفعول له إذا استكمل الشروط ، قال : @ 1720 - أَجْلَ أنَّ اللّهَ قد فَضَّلكمْ … @@ والثاني - أجازَه بعضُ الناس - أن يكونَ متعلقاً بقوله : " مِن النادمين " أي : ندم من أجل ذلك : أي : قَتْلِه أخاه ، قال أبو البقاء : " ولا تتعلق بـ " النادمين " لأنه لا يحسن الابتداء بـ " كتبنا " هنا ، وهذا الرد غير واضح ، وأين عدمُ الحسنِ بالابتداء بذلك . ؟ ابتدأ الله إخباراً بأنه كَتَب ذلك ، والإِخبارُ متعلق بقصة ابنَيْ آدم ، إلا أنَّ الظاهرَ خلافُه كما تقدم . والجمهورُ على فتح همزة " أجل " ، وقرأ أبو جعفر بكسرها ، وهي لغة كما تقدم ، ورُوي عنه حذفُ الهمزة وإلقاءُ حركتها وهي الكسرة على نون " من " ، كما ينقل ورش فتحتها إليها . والهاء في " أنه " ضمير الأمر والشأن ، و " مَنْ " شرطيةٌ مبتدأ ، وهي خبرُها في محل رفع خبراً لـ " أن " . قوله : " بغير نفسٍ " فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بالقتل قبلها . والثاني : أنه في محلِّ حالٍ من ضمير الفاعل في " قَتَل " أي : قتلها ظالماً ، ذكره أبو البقاء . قوله : { أَوْ فَسَادٍ } الجمهور على جره ، عطفاً على " نفس " المجرور بإضافةِ " غير " إليها . وقرأ الحسن بنصبه ، وفيه وجهان ، أظهرهما : أنه منصوبٌ على المفعولِ به بعاملٍ مضمرٍ يَليقُ بالمحلِّ أي : أو أتى - أو عمل - فساداً والثاني : أنه مصدرٌ ، والتقدير : أو أَفْسَدَ فساداً بمعنى إفساداً ، فهو اسمُ مصدرٍ كقوله : @ 1721 - … وبعد عطائِكَ المئةَ الرِّتاعا @@ ذكره أبو البقاء و " في الأرض " متعلقٌ بنفس " فساد " لأنك تقول : " افسد في الأرض " إلا في قراءةِ الحسن بنصبه ، وخَرَّجناه على النصب على المصدريةِ - كما ذكره أبو البقاء - فإنه لا يتعلَّقُ به ، لأنه مصدر مؤكد فقد نَصُّوا على أن المؤكِّدة لا يعمل ، فيكون " في الأرض " متعلقاً بمحذوف على أنه صفةٌ لـ " فساداً " والفاء في : " فكأنما " في الموضعين جواب الشرط واجبةُ الدخولِ ، و " ما " كافةٌ لحرفِ التشبيه ، والأحسن / أَنْ تُسَمَّى هنا مهيئةً لوقوعِ الفعلِ بعدها . و " جميعاً " إمَّا حال أو توكيد . قوله : { بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ } هذا الظرفُ والجارُّ بعده يتعلقان بقولِه : " لمُسْرِفون " الذي هو خبر " إنَّ " ولا تَمْنَعُ من ذلك لامُ الابتداء فاصلةً بين العامل ومعمولِه المتقدِّم عليه ، لأنَّ دخولها على الخبر على خلافِ الأصل ، إذ الأصلُ دخولُها على المبتدأ ، وإنما مَنَع منه دخولُ " إنَّ " و " ذلك " إشارةٌ إلى مجيء الرسل بالبينات .