Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 33-33)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ } : مبتدأٌ ، وخبرُه : " أن يُقَتَّلوا " وما عُطف عليه ، أي : إنما جزاؤهم التقتيل أو التصليب أو النفي . وقوله : { يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ } أي : يحاربون أولياءَه ، كذا قَدَّره الجمهور . وقال الزمخشري : " يحاربون رسولَ الله ، ومحاربةُ المسلمين في حكم محاربته " يعني أنَّ المقصودَ أنْ يخبرَ بأنهم يحاربون رسولَ الله ، وإنما ذَكَر اسمَ الله تبارك وتعالى تعظيماً وتفخيماً لِمَنْ يُحارَبُ ، كقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك وتقديرُه عند قوله : { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا } [ البقرة : 9 ] . وقيل : معنى المحاربةِ المخالفةُ لأحكامهما ، وعلى هذه الأوجهِ لا يلزَمُ في قوله تعالى : { يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } الجمعُ بين الحقيقة والمجاز في كلمة واحدة ، ومَنْ يُجِزْ ذلك لم يحتجْ إلى تأويلٍ من هذه التأويلات ، بل يقول : تُحْمَلُ محاربتُهم لله تعالى على معنى يليق بها وهي المخالفة مجازاً ، ومحاربتُهم لرسولِ على المقاتلة حقيقة . قوله : { فَسَاداً } في نصبه ثلاثةُ أوجه ، أحدُها : أنه مفعول من أجلِه أي : يحاربُون ويَسْعون لأجل الفاسد ، وشروطُ النصبِ موجودة الثاني : أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحال ، أي : ويسعون في الأرض مفسدين ، أو ذوي فساد ، أو جُعِلوا نفسَ الفساد مبلغة ، ثلاثةٌ مذاهبَ مشهورةٌ تقدَّم تحريرها . الثالث : أنه منصوبٌ على المصدر اي : إنه نوع من العامل قبله ، فإن معنى " يَسْعَون " هنا يفسدون ، وفي الحقيقة ففساد اسمُ مصدر قائمٌ مقامَ الإِفساد ، والتقدير : ويُفْسِدون في الأرض بسعيهم إفساداً . " وفي الأرض " الظاهرُ أنه متعلق بالفعل قبله ، كقوله : { سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ } [ البقرة : 205 ] ، وقد أُجيز أن يكونَ في محل نصب على الحال ؛ لأنه يجوزُ أَنْ لو تأخَّرت عنه ان يكونَ صفةً له ، وأُجيز أيضاً أن يتعلق بنفس " فساداً " وهذا إنما يتمشَّى إذا جَعَلْنا " فساداً " حالاً ، أما إذا جَعَلْناه مصدراً امتنع ذلك لتقدُّمه عليه ، ولأنَّ المؤكِّد لا يعمل . وقرأ الجمهور : " أَنْ يُقَتَّلوا " وما بعده من الفعلين بالتثقيل ، ومعناه التكثير بالنسبة إلى مَنْ تقعُ به هذه الأفعالُ . وقرأ الحسن وابن محيصن بتخفيفِها . قوله : " من خِلافٍ " في محلِّ نصب على الحال من " أيديهم " و " أرجلُهم " أي بقَطْعٍ مختلِف ، بمعنى أن تُقْطَعَ يَدُه اليمنى ورجلُه اليسرى . والنفي : الطرد ، والأرض : المراد بها هنا ما يريدون الإِقامة بها ، أو يُرادُ مِنْ أرضهم ، وأل عوضٌ من المضاف إليه عند مَنْ يراه . قوله : { ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا } : " ذلك " [ إشارةٌ إلى الخبر المتقدم أيضاً ] ، وهو مبتدأُ . وقوله : { لَهُمْ خِزْيٌ } فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكونَ " لهم " خبراً مقدماً ، و " خِزْيٌ " مبتدأ مؤخراً و " في الدنيا " صفةً له ، فيتعلَّق بمحذوف ، أو يتعلق بنفس " خزي " على أنه ظرفُه ، والجملةُ في محل رفع خبراً لـ " ذلك " الثاني : أن يكون " خزي خبراً لـ " ذلك " ، و " لهم " متعلقٌ بمحذوف على أنه حالٌ من " خِزْي " ؛ لأنه في الأصلِ صفةٌ له ، فلمَّا قُدِّم انتصب حالاً . وأما " في الدنيا " فيجوزُ فيه الوجهان المتقدمان مِنْ كونِه صفةً لـ " خزي " أو متعلقاً به ، ويجوز فيه أن يكونَ متعلقاً بالاستقرار الذي تعلَّق به " لهم " الثالث : أنه يكونَ " لهم " خبراً لـ " ذلك " و " خزي " فاعل ، ورَفَع الجارُّ هنا الفاعلَ لَمَّا اعتمد على المبتدأ ، و " في الدنيا " على هذا فيه الأوجهُ الثلاثة .