Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 43-43)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { مِّنْ غِلٍّ } : يجوز أن تكون " مِنْ " لبيان جنس " ما " ، ويجوز أن تكون حالاً فتتعلَّق بمحذوف أي : كائناً مِنْ غِل . وقوله : " تجري من تحتهم الأنهار " في هذه الجملة ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها حال من الضمير في " صدورهم " قاله أبو البقاء . وجَعَل العامل في هذه الحال معنى الإِضافة . والثاني : أنها حال ، والعامل فيها " نزعنا " ، قاله الحوفي . والثالث : أنها استئناف إخبار عن صفة أحوالهم . وردَّ الشيخ الوجهين الأوَّلين : أمَّا الثاني فلأنَّ { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ } ليس مِنْ صفة فاعل " نَزَعْنا " ولا مفعوله وهما " نا " و " ما " فكيف ينتصب حالاً عنهما ؟ وهو واضح . وأمَّا الأولُ فلأنَّ معنى الإِضافة لا يعمل إلا إذا أمْكن تجريدُ المضاف وإعمالُه فيما بعده رفعاً أو نصباً . قلت : قد تقدم غيرَ مرة أن الحالَ تأتي من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءاً من المضاف إليه لمَدْرَكٍ آخر لا لِما ذكره أبو البقاء من أنَّ العامل هو معنى الإِضافة ، بل العامل في الحال هو العامل في المضاف وإن كانت الحالُ ليست منه ؛ لأنهما لما كانا متضايفَيْنِ وكانا مع ذلك شيئاً واحداً ساغ ذلك . والغِلُّ : الحِقْد والإِحْنَةُ والبغض ، وكذلك الغُلول . وجمع الغِلّ غلال . والغُلول : الأَخْذُ في خُفْية ، وأحسنُ ما قيل أن ذلك من لفظ الغِلالة كأنه تَدَرَّع ولبس الحقد والخيانة حتى صار إليه كالغِلالة الملبوسة . قوله : { لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا } أَنْ وما في حَيِّزها في محل رفع بالابتداء ، والخبرُ محذوفٌ على ما قَدَّرْته غير مرة ، وجواب " لولا " مدلول عليه بقوله : " وما كنا " تقديره : لولا هدايةٌ لنا موجودة لشَقِيْنا أو ما كنا مهتدين . و " لقد جاءت " جواب قسم مقدر . و " بالحق " يجوز أن تكون الباءُ للتعدية ، فبالحق مفعولٌ معنى ، ويجوز أن تكون للحال أي : جاؤوا ملتبسين بالحق . قوله : { أَن تِلْكُمُ } يجوز أن تكون المفسِّرة ، فَسَّرَت النداء وهو الظاهر بما بعدها . ويجوز أن تكون المخففةَ ، واسمُها ضمير الأمر محذوفاً ، وأن وما بعدها في محل نصب أو جر ؛ لأنَّ الأصلَ : بأن تلكم ، وأشير إليها بإشارة البعيد لأنهم وُعِدوها في الدنيا . وعبارة بعضهم " هي إشارة لغائبة " [ فيها ] مسامحة لأنَّ الإِشارة لا تكون إلا لحاضر ، ولكن العلماء تُطْلق على البعيد غائباً مجازاً . و " أُورِثتموها " يجوز أن تكون هذه الجملةُ حاليةً كقوله : { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } [ النمل : 52 ] ، ويجوز أن تكونَ خبراً عن " تلكم " ويجوز أن تكون " الجنة " بدلاً أو عطف بيان ، و " أُورثتموها " الخبر . ومنع أبو البقاء أن تكون حالاً من " تلكم " للفصل بالخبر ، ولأن المبتدأ لا يعمل في الحال . وأدغم أبو عمرو والأخوان الثاء في التاء ، وأظهرها الباقون . و { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تقدم غير مرة . والجماعة على " وما كنا " بواو وكذلك هي في مصاحف الأمصار غيرَ الشام . وفيها وجهان ، أظهرهما : أنها واو الاستئناف ، والجملة بعدها مستأنفة . والثاني : أنها حالية . وقرأ ابن عامر : " وما كنا " بدون واو ، والجملة على ما تقدَّم من احتمالي الاستئناف والحال ، وهي في مصحف الشاميين كذا / فقد قرأ كلٌّ بما في مصحفه .