Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 88-88)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } : عطفٌ على الكاف ، و " يا شعيبُ " اعتراضٌ بين المتعاطفَيْن . قوله : " أو لَتَعُودُنَّ " عَطَفَ على جواب القسم الأول ، إذ التقدير : واللهِ لنخرجنَّكَ والمؤمنين أو لتعودُنَّ . فالعَوْدُ مسندٌ إلى ضمير النبي ومَنْ آمن معه . و " عاد " لها في لسانهم استعمالان : أحدهما وهو الأصلُ أنه الرجوعُ إلى ما كان عليه من الحال الأول . والثاني استعمالُها بمعنى صار ، وحينئذ ترفعُ الاسمَ وتنصِبُ الخبر ، فلا تكتفي بمرفوعٍ وتفتقر إلى منصوب ، وهذا عند بعضهم . ومنهم مَنْ منع أن تكون بمعنى صار ، فمِنْ مجيئها بمعنى صار عند بعضهم قولُ الشاعر : @ 2246ـ وَرَبَّيْتُه حتى إذا ما تركتُه أخا القوم واستغنى عن المسح شاربُهْ وبالمَحْضِ حتى عاد جَعْداً عَنَطْنَطا إذا قام ساوى غاربَ الفحل غاربُهْ @@ فرفع بـ " عاد " ضميرَ الأول ونَصَبَ بها " جَعْداً " ، ومَنْ مَنَع ذلك يَجْعل المنصوب حالاً ، ولكن استشكلوا على كونِها بمعناها الأصلي أنَّ شعيباً صلى الله عليه وسلم لم يكنْ قطُّ على دينهم ولا في مِلَّتِهِمْ . فكيف يَحْسُن أن يُقال " أو لتعودُنَّ " أي : لَتَرْجِعُنَّ إلى حالتكم الأولى ، والخطابُ له ولأتباعه ؟ وقد أجيب عن ذلك بثلاثة أوجه : أحدها : أن هذا القولَ مِنْ رؤسائهم قصدوا به التلبيسَ على العوام والإِبهام لهم أنه كان على دينهم وفي مِلَّتِهِمْ . الثاني : أن يُراد بعَوْده رجوعُه إلى حالةِ سكوتِه قبل بعثته ؛ لأنه قبل أن يبعث إليهم كان يُخْفي إيمانه وهو ساكتٌ عنهم ، يَرَى مِنْ معبودهم غيرَ الله . الثالث : تغليبُ الجماعةِ على الواحدِ لأنهم لمَّا صحبوه في الإِخراج سحبوا عليه وعليهم حكمَ العَوْد في الملَّة تغليباً لهم عليه . وأما إذا جَعَلْناها بمعنى صيَّر فلا إشكال في ذلك ، إذ المعنى : لَتَصِيرُنَّ في ملَّتنا بعد أن لم تكونوا ، / ففي مِلَّتنا حالٌ على الأول ، خبر على الثاني ، وعدَّى " عاد " بـ " في " الظرفيةِ كأن المِلَّةَ لهم بمنزلةِ الوعاءِ المحيط بهم . قوله : { أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } الاستفهامُ للإِنكار تقديره : أيوجدُ منكم أحدُ هذين الشيئين : أعني الإِخراج من القرية والعَوْد في الملَّة على كل حال حتى في حال كراهيتنا لذلك ؟ وقال الزمخشري : " الهمزةُ للاستفهام ، والواوُ واو الحال تقديره : أتُعيدوننا في ملَّتكم في حالِ كراهتنا " . قال الشيخ : " وليست هذه واوَ الحال بل واوُ العطف عَطَفَتْ هذه الحالَ على حالٍ محذوفة كقوله عليه السلام : " رُدُّوا السائل ولو بظِلْفٍ مُحْرَق " ليس المعنى : رُدُّوه حالَ الصدقة عليه بظِلْف مُحْرَق ، بل معناه : رُدُّوه مصحوباً بالصدقة ولو مصحوباً بظلف محرق . قلت : وقد تقدَّمتْ هذه المسألةُ وأنه يَصِحُّ أن تُسَمَّى واوَ الحال وواوَ العطف وتحريرُ ذلك ، ولولا تكريرُه لما كرَّرْته . وقال أبو البقاء : " ولو هنا بمعنى " إنْ " لأنها للمستقبل ، ويجوزُ أن تكونَ على أصلها ، ويكون المعنى : لو كنَّا كارهين في هذه الحال . قوله " لأنها للمستقبل " ممنوع .