Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 40-40)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ } : هذا الشرط جوابُه محذوف لدلالة قولِه : " فقد نصره " عليه ، والتقديرُ : إنْ لا تنصروه فسينصره . وذكر الزمخشري فيه وجهين ، أحدهما ما تقدم ، والثاني : قال : " إنه أَوْجب له النُّصْرَة ، وجعله منصوراً في ذلك الوقت فلن يُخْذَلَ مِنْ بعده " . قال الشيخ : " وهذا لا يظهرُ منه جوابُ الشرط لأنَّ إيجابَ النصرةِ له أمرٌ سَبَق ، والماضي لا يترتَّب على المستقبل فالذي يَظْهر الوجهُ الأول " . قوله : { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ } منصوبٌ على الحال مِنْ مفعول " أخرجه " وقد تقدَّم معنى الإِضافة في نحو هذا التركيب عند قوله { ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [ المائدة : 73 ] . وقرأت جماعة " ثاني اثنين " بسكون الياء . قال أبو الفتح : " حاكها أبو عمرو " ووجهُها أن يكونَ سَكَّن الياءَ تشبيهاً لها بالألفِ ، وبعضُهم يخصُّه بالضرورة . قوله : { إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ } : بدلُ مِنْ " إذ " الأولىٰ فالعاملُ فيها " فقد نَصَره " ، قال أبو البقاء : " ومَنْ مَنَع أن يكونَ العاملُ في البدلِ هو العامل في المبدل منه قَدَّرَ عاملاً آخر ، أي : نصره " إذ هما في الغار " . و " الغار " نَقْبٌ يكونُ في الجبلِ ، ويُجمع على غِيران ومثله : تاج وتِيْجان ، وقاع وقِيعان . والغارُ أيضاً نَبْتٌ طيبُ الريح ، والغارُ أيضاً الجماعة ، والغاران البطن والفرج . وألف الغار عن واو . قوله : { إِذْ يَقُولُ } بدلٌ ثانٍ من " إذ " الأولى . وقال أبو البقاء : " إنَّ إذ هما في الغار ، وإذ يقول ظرفان لثاني اثنين " ، والضمير في " عليه " يعود على أبي بكر ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عليه السكينة دائماً . وقد تقدم القول في { ٱلسَّكِينَةَ } [ البقرة : 248 ] . والضمير في " أيَّده " للنبي صلى الله عليه وسلم . وقرأ مجاهد " وأَيَدَه " . بالتخفيف . و " لم تَرَوْها " صفة لجنود . قوله : { وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا } الجمهورُ على رفع " كلمة " على الابتداء ، و " هي " يجوزُ أَنْ تكونَ مبتدأ ثانياً ، و " العُلْيا " خبرها ، والجملة خبر الأول ، ويجوز أن تكونَ " هي " فصلاً و " العليا " الخبر . وقُرِىء " وكلمةَ الله " بالنصب نسقاً على مفعولَيْ جَعَلَ ، أي : وجعل كلمة الله هي العليا . قال أبو البقاء : " وهو ضعيفٌ لثلاثة أوجه ، أحدها : وَضْعُ الظاهرِ موضعَ المضمر ، إذ الوجهُ أن تقولَ : وكَلِمَتُه . الثاني : أن فيه دلالةً على أنَّ كلمة الله كانت سُفْلى فصارت عليا ، وليس كذلك . الثالث : أن توكيدَ مثلِ ذلك بـ " هي " بعيد ، إذ القياسُ أن يكونَ " إياها " . قلت : أما الأولُ فلا ضعفَ فيه لأنَّ القرآنَ ملآنُ من هذا النوع وهو مِنْ أحسنِ ما يكون لأن فيه تعظيماً وتفخيماً . وأمّا الثاني فلا يلزمُ ما ذكر وهو أن يكون الشيء المصيَّر على الضد الخاص ، بل يدل التصيير على انتقال ذلك الشيء المُصَيَّر عن صفةٍ ما إلى هذه الصفة . وأمَّا الثالث فـ " هي " ليست تأكيداً البتة إنما " هي " ضمير فصل على حالها ، وكيف يكون تأكيداً وقد نَصَّ النحويون على أن المضمر لا يؤكد المظهر ؟