Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 38-38)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱثَّاقَلْتُمْ } : أصلُه تثاقلتم ، فلمَّا أريد الإِدغامُ سَكَنت الياءُ فاجتُلبت همزةُ الوصل كما تقدَّم ذلك في { فَٱدَّارَأْتُمْ } [ البقرة : 72 ] ، والأصل : تدارأتم . وقرأ الأعمش " تثاقلتم " بهذا الأصل ، و " ما " في قوله " مالكم " استفهامية وفيها معنى الإِنكار . وقيل : فاعله المحذوف هو الرسول . و " اثَّاقلتم " ماضي اللفظ مضارع المعنى أي : يتثاقلون ، وهو في موضع الحال ، وهو عاملٌ في الظرف أي : مالكم متثاقلين وقت القول . وقال أبو البقاء : " اثَّاقلتم : ماض بمعنى المضارع أي : مالكم تتثاقلون وهو في موضع نصب أي : أيُّ شيء لكم في التثاقل ، أو في موضع جر على رأي الخليل . وقيل : هو في موضع حال " قال الشيخ : " وهذا ليس بجيدٍ ، لأنه يلزمُ منه حذفُ " أَنْ " ، لأنه لا يَنْسِبُك مصدرٌ إلا من حرفٍ مصدري والفعل ، وحَذْفُ " أَنْ " في نحو هذا قليلٌ جداً ، أو ضرورة ، وإذا كان التقديرُ : " في التثاقل " فلا يمكن عملُه في " إذا " ، لأنَّ معمول المصدرِ الموصول لا يتقدَّم عليه ، فيكون الناصب لـ " إذا " والمتعلَّق به " في التثاقل " ما تعلَّق به " لكم " الواقعُ خبراً لـ " ما " . وقرىء " أَثَّاقَلْتم " بالاستفهام الذي معناه الإِنكار ، وحينئذٍ لا يجوزُ أن يَعْمل في " إذا " ؛ لأنَّ ما بعد حرف الاستفهام لا يعمل فيما قبله ، فيكون العاملَ في هذا الظرف : إمَّا الاستقرارُ المقدَّرَ في " لكم " ، أو مضمرٌ مدلولٌ عليه باللفظ . والتقدير : ما تصنعون إذا قيل لكم . وإليه نحا الزمخشري . والظاهر أن يُقَدَّر : ما لكم تثاقلون إذا قيل ، ليكون مدلولاً عليه من حيث اللفظُ والمعنى . وقوله : { إِلَى ٱلأَرْضِ } ضُمِّنَ معنى المَيْل والإِخلاد . وقوله : " من الآخرة " تظاهَرَتْ أقوالُ المُعْربين والمفسرين على أنَّ " مِنْ " بمعنى بدل كقوله : { لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً } [ الزخرف : 60 ] أي : بدلكم ، ومثلُه قولُ الآخر : @ 2485 جاريةٌ لم تَأْكُلِ المُرَقَّقا ولم تَذُقْ من البُقول الفُسْتُقا @@ وقول الآخر : @ 2486 فليت لنا مِنْ ماءِ زمزمَ شَرْبةً مُبَرَّدَةً باتَتْ على طَهَيانِ @@ / إلا أنَّ أكثرَ النحويين لم يُثْبتوا لها هذا المعنى ، ويتأوَّلون ما أوهم ذلك والتقديرُ هنا : اعتَصَمْتُمْ من الآخرة راضين بالحياة وكذلك باقيها . وقال أبو البقاء : " مِن الآخرة في موضع الحال أي : بدلاً من الآخرة " ، فقدَّر المتعلَّقَ خاصاً ، ويجوز أن يكون أراد تفسير المعنى . قوله : { فِي ٱلآخِرَةِ } متعلقٌ بمحذوفٍ من حيث المعنى تقديره : فما متاعُ الحياة الدنيا محسوباً في الآخرة . فـ " محسوباً " حالٌ مِنْ " متاع " . وقال الحوفي : " إنه متعلق بـ قليل وهو خبر المبتدأ " . قال : " وجاز أن يتقدَّمَ الظرفُ على عامله المقرونِ بـ " إلا " لأنَّ الظروفَ تعمل فيها روائحُ الأفعال . ولو قلت : " ما زيدٌ عمراً إلا يَضْرب " لم يَجُزْ " .