Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 9-9)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي } : قد تقدَّم لك الكلامُ على هذا الحرفِ مُسْتوفى ، وللزمخشريِّ هنا كلامٌ رَأَيْتُ ذِكْرَه لخصوصيَّةٍ تَتَعلَّقُ به قال : " فإن قلتَ : ما متعلَّقُ " أَرَأَيْت " ؟ قلت : " الذي يَنْهى " مع الجملةِ الشرطيةِ وهما في موضعِ المفعولَيْنِ . فإن قلت : فأين جوابُ الشرط ؟ قلت : هو محذوفٌ تقديرُه : إنْ كان على الهُدىٰ أو أمرَ بالتقوىٰ ألم يعلَمْ بأنَّ اللَّهَ يرى ، وإنما حُذِفَ لدلالةِ ذِكْرِه في جوابِ الشرطِ الثاني . فإنْ قلتَ : كيف صََحَّ أَنْ يكونَ " ألم يعلَمْ " جواباً للشرِط ؟ قلت : كما صَحَّ في قولِك : إنْ أَكْرَمْتُك أتكرِمُني ، وإن أَحْسَنَ إليك زيدٌ هل تُحْسِنُ إليه ؟ فإنْ قلتَ : فما أَرَأَيْتَ الثانيةُ وتوسُّطُها بين معفولَيْ " أَرَأَيْتَ " ؟ قلت : هي زائدةٌ مكررةٌ للتوكيد " قلت : وإذ قد تَعَرَّض للكلامِ في هذه الآية فَلْنَجْرِ معه : أعلَمْ أَنَّ " ارَأَيْتَ " - كما عَلِمْتَ - لا يكونُ مفعولُها الثاني إلاَّ جملةً استفهاميةً كقولِه : { أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ } [ يونس : 50 ] إلى آخرِها . ومثلُه كثيرٌ ، وهنا " أرَأَيْتَ " ثلاثَ مراتٍ ، وقد صَرَّحَ بعد الثالثةِ منها بجملةٍ استفهاميةٍ فتكونُ في موضعِ المفعولِ الثاني لها ، ومعفولُها الأولُ محذوفٌ ، وهو ضميرٌ يعودُ على " الذي يَنْهَىٰ " الواقعِ مفعولاً أولَ لـ " أَرَأَيْتَ " الأولى ، ومفعولُ " أَرَأيْتَ " الأولىٰ الذي هو الثاني محذوفٌ ، وهو جملةٌ استفهاميةٌ ، كالجملةِ الواقعةِ بعد " أَرَأَيْتَ " الثالثةِ وأمَّا " أرأَيْتَ " الثانية فلم يُذْكَرْ لها مفعولٌ لا أولُ ولا ثانٍ ، حُذِف الأولُ لدلالة المفعولِ مِنْ " أَرَأَيْتَ " الأولىٰ عليه ، وحُذف الثاني لدلالة مفعولِ " أَرَأَيْتَ " الثالثةِ عليه ، فقد حُذِف الثاني مِنْ الأولىٰ ، والأولُ من الثالثةِ ، والاثنان مِنْ الثانيةِ . وليس طَلَبُ كلٍ مِنْ " أَرَأَيْتَ " للجملةِ الاسميةِ على سبيلِ التنازع لأنه يَسْتدعي إضماراً ، والجملُ لا تُضْمَرُ ، إنما تُضْمَرُ المفردات ، وإنما ذلك مِنْ بابِ الحَذْفِ للدلالةِ . وأمَّا الكلامُ على الشرطِ مع " أَرَأَيْتَ " هذه فقد عَرَفْتَه ممَّا في الأنعام في نُطيل الكلامَ بإعادتِه . وتجويزُ الزمخشريِّ وقوعَ جوابِ الشرط استفهاماً بنفسِه لا يجوزُ ، بل نَصُّوا على وجوبِ ذِكْرِ الفاءِ في مثله ، وإن وَرَدَ شيءٌ فهو ضرورةٌ .