Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 66-98)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المناسَبَة : لما ذكر تعالى طائفةً من قصص الأنبياء للعظة والاعتبار ، وكان الغرضُ الأساسي للسورة الكريمة إثبات قدرة الله على الإِحياء والإِفناء ، وإِثباتُ يوم المعاد ، ذكر تعالى هنا بعض شبهات المكذبين للبعث والنشور وردَّ عليها بالحجج القاطعة ، والبراهين الساطعة ، وختم السورة الكريمة ببيان مآل السعداء والأشقياء . اللغَة : { جِثِيّاً } جمع جاثٍ يقال : جثا إذا قعد على ركبتيه من شدة الهول وهي قعدة الخائف الذليل قال الكُميت : @ هُمُو تركوا سراتُهم جثيّاً وهم دُونَ السَّراة مقرَّنينا @@ { عِتِيّاً } عصياناً وتمرداً عن الحق { نَدِيّاً } النديُّ والنادي : الذي يجتمع فيه القوم للتحدث والمشورة قال الجوهري : النديُّ مجلس القوم ومتحدثهم وكذلك الندوة والنادي فإِن تفرقوا فليس بندي { أَثَاثاً } الأثاث : متاع البيت { رِءْياً } منظراً حسناً { تَؤُزُّهُمْ } الأزُّ : التهييجُ والإِغراء ، قال أهل اللغة : الأزُ والهزُّ والاستفزاز متقاربة ومعناها التهييج وشدة الإِزعاج ومنه أزيزِ المِرجل وهو غليانه وحركته { وَفْداً } جمع وافد وهو الذي يقدم على سبيل التكرمة معزَّزاً مكرَّماً { وِرْداً } مشاةً عطاشاً قال الرازي : والورد اسم للعطاش لأن من يرد الماء لا يرده إلا للعطش { إِدّاً } منكراً عظيماً قال الجوهري : الإدُّ : الداهية والأمر الفظيع { رِكْزاً } الركز : الصوت الخفي . سَبَبُ النّزول : عن خباب بن الأرت قال : كنتُ رجلاً قيناً - أي حداداً - وكان لي على العاص بن وائل دينٌ فأتيتُه أتقاضاه فقال : لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد ، فقلت : لا والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث - أي تموت الآن وتبعث أمامي وهذا من باب المستحيل - قال : فإني إذا متُّ ثم بُعثتُ جئتني ولي ثمَّ مالٌ فأعطيتك فأنزل الله { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } . التفسِير : { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } أي يقول الكافر الذي لا يصدق بالبعث بعد الموت على وجه الإِنكار والاستبعاد : أئذا متُّ وأصبحتُ تراباً ورفاتاً فسوف أُخرج من القبر حياً ؟ قال ابن كثير : يتعجب ويستبعد إعادته بعد موته ، واللام " لسوف " للمبالغة في الإِنكار ، وهو إنكار منشؤه غفلة الإِنسان عن نشأته الأولى ، أين كان ؟ وكيف كان ؟ ولو تذكّر لعلم أن الأمر أيسر مما يتصور { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } أي أولاَ يتذكر هذا المكذّب الجاحد أول خلقه فيستدل بالبداءة على الإِعادة ؟ ويعلم أن الله الذي خلقه من العدم قادرٌ على أن يعيده بعد الفناء وتشتت الأجزاء ؟ قال بعضُ العلماء : لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجةٍ في البعث على هذا الاختصار لما قدروا عليها ، إذْ لا شكَّ أنَّ الإِعادة ثانياً أهونُ من الإِيجاد أولاً ، ونظيره قوله { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ يس : 79 ] { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ } أي فوربك يا محمد لنحشرنَّ هؤلاء المكذبين بالبعث مع الشياطين الذين أغووهم قال المفسرون : يُحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } أي نحضر هؤلاء المجرمين حول جهنم قعوداً على الركب من شدة الهول والفزع ، لا يطيقون القيام على أرجلهم لما يدهمهم من شدة الأمر { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ } أي لنأخذنَّ ولننتزعنَّ من كل فرقةٍ وجماعة ارتبطت بمذهب { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } أي من منهم أعصى لله وأشد تمرداً ، والمراد أنه يؤخذ من هؤلاء المجرمين ليقذف في جهنم الأعتى فالأعتى قال ابن مسعود : يُبدأ بالأكابر جرماً { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } أي نحن أعلم بمن هم أحق بدخول النار والاصطلاء بحرها وبمن يستحق تضعيف العذاب فنبدأ بهم { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } أي ما منكم أحدٌ من برٍ أو فاجر ألاّ وسيرد على النار ، المؤمن للعبور والكافر للقرار { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } أي كان ذلك الورود قضاءً لازماً لا يمكن خُلفه { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي ننجّي من جهنم المتقين بعد مرور الجميع عليها { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } أي ونترك الظالمين في جهنم قعوداً على الركب قال البيضاوي : والآية دليلٌ على أن المراد بالورود والجثوُّ حواليها ، وأن المؤمنين يفارقون الفجرة إلى الجنة بعد نجاتهم ، ويبقى الفجرة فيها على هيئاتهم { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ } أي وإِذا قرئت على المشركين آيات القرآن المبين ، واضحات الإِعجاز ، بينات المعاني { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } أي قال الكفرة المترفون لفقراء المؤمنين أيُّ الفريقين : - نحن أو أنتم - أحسنُ مسكناً ، وأطيب عيشاً ، وأكرم منتدى ومجلساً ؟ قال البيضاوي : إن المشركين لما سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها ، أخذوا في الافتخار بما لهم من حظوظ الدنيا ، والاستدلال بزيادة حظهم فيها على فضلهم وحسن حالهم لقصور نظرهم ، فردَّ الله عليهم بقوله { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً } أي وكثير من الأمم المكذبين بآياتنا أهلكناهم بكفرهم كانوا أكثر من هؤلاء متاعاً ، وأجمل صورةً ومنظراً ، فكما أهلكنا السابقين نهلك اللاحقين ، فلا يغترَّ هؤلاء بما لديهم من النعيم والمتاع { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أنهم على حق : من كان في الضلالة منا ومنكم فليمهله الرحمن فيما هو فيه ، وليدعْه في طغيانه ، حتى يلقى ربه وينقضي أجله قال القرطبي : وهذا غايةٌ في التهديد والوعيد { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } أي حتى يروا ما يحلُّ بهم من وعد الله { إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ } أي إمَّا عذاب الدنيا بالقتل والأسر ، أو عذاب الآخرة بما ينالهم يوم القيامة من الشدائد والأهوال { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } أي فسيعلمون عندئذ حين تنكشف الحقائق أي الفريقين شرٌّ منزلة عند الله ، وأقل فئة وأنصاراً ، هل هم الكفار أم المؤمنون ؟ وهذا في مقابلة قولهم { خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } { وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى } أي ويزيد الله المؤمنين المهتدين ، بصيرةً وإيماناً وهداية { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً } أي والأعمال الصالحة التي تبقى لصاحبها ذخراً في الآخرة خير عند الله من كل ما يتباهى به أهل الأرض من حيث الأجر والثواب { وَخَيْرٌ مَّرَدّاً } أي وخير رجوعاً وعاقبة ، فإِن نعيم الدنيا زائل ونعيم الآخرة باقٍ دائم { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } نزلت في العاص بن وائل ، والاستفهام للتعجب أي تعجَّب يا محمد من قصة هذا الكافر الذي جحد بآيات الله وزعم أن الله سيعطيه في الآخرة المال والبنين { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } أي هل اطَّلع على الغيب الذي تفرَّد به علاّم الغيوب ؟ { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } أي أم أعطاه الله عهداً بذلك فهو يتكلم عن ثقةٍ ويقين ؟ { كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } ردٌّ عليه ، ولفظةُ " كلاَّ " للردع والزجر أي ليرتدع ذلك الفاجر عن تلك المقالة الشنيعة فسنكتب ما يقول عليه { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } أي سنزيد له في العذاب ونطيله عليه جزاء طغيانه واستهزائه ، ونضاعف له مدد العذاب مكان الإِمداد بالمال والولد { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً } أي ونرثه ما يخلفه من المال والولد بعد إهلاكه ، ويأتينا وحيداً لا مال معه ولا ولد ، ولا نصير له ولا سند { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } أي واتخذ المشركون أصناماً عبدوها من دون الله لينالوا بها العزَّ والشرف { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا فإِن الآلهة التي عبدوها ستبرأ من عبادتهم ويكونون لهم أعداء يوم القيامة { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } أي ألم تر يا محمد أنَّا سلَّطنا الشياطين على الكافرين تُغريهم إغراءً بالشر ، وتهيّجُهم تهييجاً حتى يركبوا المعاصي قال الرازي : أي تغريهم على المعاصي وتحثُّهم وتهيّجهم لها بالوساوس والتسويلات { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } أي لا تتعجل يا محمد في طلب هلاكهم فإِنه لم يبق لهم إلا أيام وأنفاس نعدُّها عليهم عدّاً ثم يصيرون إلى عذاب شديد قال ابن عباس : نعدُّ أنفاسهم في الدنيا كما نعدُّ عليهم سنيَّهم { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } أي يوم نحشر المتقين إلى ربهم معزَّزين مكرَّمين ، راكبين على النوق كما يفد الوفود على الملوك منتظرين لكرامتهم وإِنعامهم { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } أي ونسوق المجرمين كما تُساق البهائم مشاةً عطاشاً كأنهم إبلٌ عطاش تُساق إلى الماء وفي الحديث " يُحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق : راغبين ، وراهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير ، وتُجرُّ بقيتهم إلى النار ، تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا " { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ } أي لا يشفعون ولا يُشفع لهم { إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } الاستثناء منقطع أي لكنْ من تحلَّى بالإِيمان والعمل الصالح فإِنه يملك الشفاعة قال ابن عباس : العهدُ " شهادة أن لا إله إلا الله " { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } أي لقد أتيتم أيها المشركون بقولٍ منكر عظيم تناهى في القبح والشناعة { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } أي تكاد السماوات تتشقَّق من هول هذا القول { وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } أي وتنشقُّ كذلك الأرض وتندكُّ الجبال وتُهدُّ هداً استعظاماً للكلمة الشنيعة { أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } أي ما يليق به سبحانه اتخاذ الولد ، لأن الولد يقتضي المجانسة ويكون عن حاجة ، وهو المنزَّه عن الشبيه والنظير ، والغني عن المعين والنصير { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } أي ما من مخلوقٍ في هذا العالم العلوي والسفلي إلا وهو عبدٌ لله ، ذليلٌ خاضعٌ بين يديه ، منقادٌ مطيع له كما يفعل العبيد { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } أي علم عددهم وأحاط علمه بهم فلا يخفى عليه شيء من أمورهم { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً } أي وكل فردٍ يأتي يوم القيامة وحيداً فريداً ، بلا مالٍ ولا نصير ، ولا معين ولا خفير { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } لما ذكر أحوال المجرمين ذكر أحوال المؤمنين والمعنى سيحدث لهم في قلوب عباده الصالحين محبةً ومودة قال الربيع : يحبُّهم ويحببهم إلى الناس { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } أي فإِنما يسرنا يا محمد هذا القرآن بلسانك العربي تقرأه ، وجعلناه سهلاً يسيراً لمن تدبره ، لتبشّر به المؤمنين المتقين ، وتخوّف به قوماً معاندين شديدي الخصومة والجدال { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } أي كم من الأمم الماضية أهلكناهم بتكذيبهم الرسل ، و " كم " للتكثير { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ } أي هل ترى منهم أحداً ؟ { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } أي أو تسمع صوتاً خفياً ؟ والمعنى أنهم بادوا وهلكوا وخلت منهم الديار ، وأوحشت منهم المنازل ، فكما أهلكنا أولئك نهلك هؤلاء . البَلاَغَة : تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي : 1 - ذكر العام وإِرادة الخاص { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ } المراد به الكافر لأنه هو المنكر للبعث . 2 - الطباق بين { مِتُّ … حَيّاً } وبين { تُبَشِّرَ … وَتُنْذِرَ } . 3 - الاستفهام للإِنكار والتوبيخ { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ } . 4 - المقابلة اللطيفة بين المتقين والمجرمين وبين حال الأبرار والأشرار { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } . 5 - الجناس غير التام { وَفْداً … وِرْداً } لتغير الحرف الثاني . 6 - اللف والنشر المرتب في { شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } حيث رجع الأول إلى { خَيْرٌ مَّقَاماً } والثاني إلى { وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } كما يوجد بين { خَيْرٌ … وشَرٌّ } طباق . 7 - المجاز العقلي { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } أي نأمر الملائكة بالكتابة فهو من إسناد الشيء إلى سببه . 8 - السجع الرصين مثل { عَبْداً } ، { عَدّاً } ، { فَرْداً } ، { وُدّاً } وهو من المحسنات البديعية . فَائِدَة : أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى إذا أحبَّ عبداً دعا جبريل فقال : إني أحبُ فلاناً فأحبَّه فيحبُّه جبريل ، ثم ينادي في السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء … " الحديث وهو مصداق قوله تعالى { سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } . لطيفَة : روي أن المأمون قرأ هذه الآية { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } وعنده جماعة من الفقهاء فيهم ابن السماك فأشار إليه المأمون أن يعظه فقال : إذا كانت الأنفاس بالعدد ، ولم يكن لها مدد ، فما أسرع ما تنفد قال الشاعر :