Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 20-34)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المنَاسَبَة : لما حذَّر تعالى من الشرك ، وأكده بوصايا لقمان الحكيم في الإِيمان ومكارم الأخلاق ، ذكر هنا الأدلة الساطعة ، والبراهين القاطعة على وحدانيته تعالى ، ونبّه بالصنعة على الصانع ، وما له من نعمٍ لا تُحصى من تسخير السماوات بما فيها من الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والسحاب ، وتسخير الأرض وما فيها من الحيوان ، والنبات ، والمعادن ، والبحار ، وغير ذلك من الأدلة الشاهدة بوحدانيته ، وختم السورة الكريمة ببيان " المغيبات الخمس " . اللغَة : { أَسْبَغَ } أتم وأكمل يقال : سبغت النعمة سبوغاً إِذا تمت { ٱسْتَمْسَكَ } تمسك وتعلق واعتصم { نَفِدَتْ } فنيت وفرغت { يُولِجُ } يدخل والإِيلاج : الإِدخال ومنه { حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } [ الأعراف : 40 ] { ٱلْفُلْكَ } السفن { كَٱلظُّلَلِ } الظلل : جمع ظلَّة وهي كل ما أظلَّك من جبل أو سحاب { خَتَّارٍ } الختَّار : الغدار ، والختر : أسوء الغدر قال الشاعر : @ فإِنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر @@ { ٱلْغَرُورُ } ما يغرُّ ويخدع من شيطان وغيره ، وغرَّه الأمل : خدعه . التفسِير : { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي ألم تعلموا أيها الناس أن الله العظيم الجليل سخر لكم ما في السماوات من شمس وقمر ونجوم لتنتفعوا بها ، وسخَّر لكم ما في الأرض من جبالٍ وأشجار وثمارٍ وأنهار وغير ذلك مما لا تُحصى { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } أي وأتمَّ عليكم أيها الناس نعمه العديدة ، الظاهرة المرئية كنعمة السمع والبصر والصحة والإِسلام ، والباطنة الخفية كالقلب والعقل والفهم والمعرفة وما أشبه ذلك قال البيضاوي : أي أسبغ عليكم نعمه المحسوسة والمعقولة ، ما تعرفونه وما لا تعرفونه { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } أي ومن الناس فريق جاحدون يخاصمون ويجادلون في توحيد الله وصفاته بغير علم ولا فهم ، ولا حجة ولا برهان ، ولا كتاب منزل من عند الله قال القرطبي : نزلت في يهودي جاء إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد : أخبرني عن ربك من أيّ شيء هو ؟ فجاءت صاعقةٌ فأخذته ، والمنيرُ : الواضح البيّن المنقذ من ظلمة الجهل والضلال { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } أي وإِذا قيل لهؤلاء المجادلين بالباطل اتبعوا ما أنزل الله على رسوله ، وصدّقوا به فإِنه يفرق بين الحق والباطل ، والهدى والضلال { قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا } أي قالوا نسير على طريقة آبائنا ونقتدي بهم في عبادة الأوثان والأصنام { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } الاستفهام للإِنكار والتوبيخ أي أيتبعونهم ولو كانوا ضالين ، حتى ولو كان الشيطان يدعوهم إلى النار المستعرة ذات العذاب الشديد ؟ { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ } أي ومن يقبل على طاعة الله وينقاد لأوامره ، ويخلص قصده وعبادته لله { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي وهو مؤمن موحد قال القرطبي : لأن العبادة من غير احسانٍ ولا معرفة القلب لا تنفع ، ونظير الآية { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } [ طه : 112 ] فلا بدَّ من الإِيمان والإِحسان { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } أي تمسك بحبلٍ لا انقطاع له ، وتعلق بأوثق ما يتعلق به من الأسباب قال صاحب الكشاف : هاذ من باب التمثيل ، مثلت حال المتوكل بحال من تدلى من شاهق فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة ، من حبلٍ متين مأمونٍ انقطاعه وقال الرازي : أوثق العرى جانب الله ، لأن كل ما عداه هالك منقطع ، وهو باقٍ لا انقطاع له { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ } أي إِلى الله وحده - لا إِلى أحدٍ سواه - مرجع ومصير الأمور كلها فيجازي العامل عليها أحسن الجزاء { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم أي لا يهمنك يا محمد كفر من كفر ، ولا ضلال من ضلَّ ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، فإِنا سننتقم منهم إِن عاجلاً أو آجلاً { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ } أي إِلينا رجوعهم ، فنخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي عليم بما في قلوبهم من المكر والكفر والتكذيب فيجازيهم عليها { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً } أي نبقيهم في الدنيا مدة قليلة يتمتعون بها { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي ثم نلجئهم في الآخرة إِلى عذاب شديد هو عذاب النار ، الفظيع الشاق على النفس ، ثم لما بيَّن تعالى استحقاقهم للعذاب ، بيَّن تناقضهم في الدنيا وهو اعترافهم بأن الله خالق السماوات والأرض ، ومع هذا يعبدون معه شركاء يعترفون أنها ملك له وأنها مخلوقاته فقال { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } أي ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين من كفار مكة من خلق السماوات والأرض ؟ ليقولن - لغاية وضوح الأمر - الله خلقهن فقد اضطروا إِلى الاعتراف به { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } أي قل لهم : الحمد لله على ظهور الحجة عليكم ، وعلى أن دلائل الإِيمان ظاهرة للعيان { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي بل أكثر هؤلاء المشركين لا يفكّرون ولا يتدبرون فلذلك لا يعلمون ، ثم قال تعالى { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي له جلَّ وعلا ما في الكائنات ملكاً وخلقاً وتدبيراً { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } أي المستغني عن خلقه وعن عبادتهم ، المحمود في صنعه وآلائه { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } أي ولو أنَّ جميع أشجار الأرض جعلت أقلاماً { وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } أي وجعل البحر بسعته حبراً ومداداً وأمده سبعة أبحر معه فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله { مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ } أي لانتهت وفنيت تلك الأقلام والبحار وما انتهت كلمات الله ، لأن الأشجار والبحار متناهية ، وكلمات الله غير متناهية قال القرطبي : لما ذكر تعالى أنه سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض ، وأنه أسبغ النعم ، نبّه على أن الأشجار لو كانت أقلاماً ، والبحار لو كانت مداداً ، فكتب بها عجائب صنع الله ، الدالة على قدرته ووحدانيته لم تنفد تلك العجائب وقال ابن الجوزي : وفي الكلام محذوف تقديره : فكتب بهذه الأقلام وهذه البحور كلمات الله ، لتكسرت الأقلام ونفدت البحور ولم تنفد كلمات الله أي لم تنقطع { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي غالب لا يعجزه شيء ، حكيم لا يخرج عن علمه وحكمته أمر { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } أي ما خلقكم أيها الناس ابتداءً ، ولا بعثكم بعد الموت انتهاءً إِلا كخلق نفس واحدة وبعثها ، لأنه إِذا أراد شيئاً قال له كن فيكون ، قال الصاوي : المعنى أن الله لا يصعب عليه شيء ، بل خلق العالم وبعثه برُمته كخلق نفسٍ واحدةٍ وبعثها { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أي سميع لأقوال العباد ، بصير بأعمالهم ، ثم أشار تعالى إلى دلائل قدرته في الآفاق فقال { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ } أي ألم تعلم أيها المخاطب علماً قوياً جارياً مجرى الرؤية ، أن الله العظيم الجليل يدخل ظلمة الليل على ضوء النهار ، ويدخل ضوء النهار على ظلمة الليل ، ويزيد في هذا ويُنقص من هذا حسب الحكمة الأزلية { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي ذلّلهما بالطلوع والأفول تقديراً للآجال ، وإِتماماً للمنافع ، كلٌ منهما يسير في فلكه إِلى غاية محدودة هي يوم القيامة { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } أي وأنه تعالى عالم بأحوالكم وأعمالكم لا تخفى عليه خافية ، فإِن من شاهد مثل ذلك الصنع الرائق ، والتدبير الفائق ، لا يكاد يغفل عن كون صانعه جل وعلا محيطاً بكل أعماله { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } أي ذلك الذي شاهدتموه من عجائب الصنع وباهر القدرة ، لتتأكدوا أن الله هو الإِله الحق الذي يجب أن يعبد وحده { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَاطِلُ } أي وأن كل ما يعبدون من دون الله من الأوثان والأصنام باطل لا حقيقة له كما قال لبيد " ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل " فالجميع خلقه وعبيده ، ولا يملك أحدٌ منهم تحريك ذرةٍ إِلا بإِذنه { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } أي وأنه تعالى هو العليُّ في صفاته ، الكبير في ذاته { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَةِ ٱللَّهِ } تذكيرٌ بنعمة أُخرى أي ألم تر أيها العاقل أن السفن العظيمة تسير في البحر بقدرة الله ، وبتسخيره ولطفه بالناس وإِحسانه إِليهم ، لتهيئة أسباب الحياة قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه هو الذي سخَّر البحر لتجري فيه الفلك بأمره أي بلطفه وتسخيره ، فإِنه لولا ما جعل في الماء من قوةٍ يحمل بها السفن ما جرت ، ولهذا قال بعده { لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ } أي ليريكم عجائب صنعه ، ودلائل قدرته ووحدانيته { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي إِن في تسخير هذه السفن وما تحمله من الطعام والأرزاق والتجارات ، لآيات باهرة ، وعبراً جليلة لكل عبد منيب ، صبَّار في الضراء ، شكور في الرخاء . ولفظة " صبَّار " و " شكور " مبالغة في الصبر والشكر { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ } أي وإِذا علا المشركين وغطّاهم وهم في البحر موج كثيف كالجبال { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي أخلصوا دعاءهم لله حين علموا أنه لا منجي لهم غيره فلا يدعون لخلاصهم سواه { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ } أي فلما أنقذهم من شدائد البحر ، وأخرجهم إِلى شاطئ النجاة في البر { فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } في الآية حذف تقديره فمنهم مقتصد ، ومنهم جاحد ، ودلَّ عليه قوله { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } والمقتصد : المتوسط في العمل قال ابن كثير : وهذا من باب الإِنكار على من شاهد تلك الأهوال ، والأمور العظام ، ورأى الآيات الباهرة في البحر ، ثم بعدما أنعم الله عليه بالخلاص كان ينبغي أن يقابل ذلك بالعمل التام ، والمبادرة إِلى الخيرات ، والدؤوب في العبادات ، فمن اقتصد بعد ذلك كان مقصراً { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } أي وما يكذب بآياتنا إِلا كل غدَّار ، مبالغ في كفران نعم الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } أي اتقوا ربكم بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } أي وخافوا يوماً رهيباً عصيباً لا ينفع والد فيه ولده ، ولا يدفع عنه مضرةً ، أو يقضي عنه شيئاَ مما تحمَّله { وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } أي ولا ولدٌ يغني أو يدفع عن والده شيئاً ، أو يقضي عنه شيئاً من جنايته ومظالمه قال الطبري : المعنى لا يغني ولا تنفع عنده الشفاعة والوسائل ، إلا وسيلة من صالح الأعمال التي أسلفها في الدنيا { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي وعده بالثواب والعقاب ، والبعث والجزاء حقٌ لا يتخلف { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } أي لا تخدعكم الحياة الدنيا بمفاتنها ولذاتها فتركنوا إِليها { وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } أي ولا يخدعنكم الشيطان الماكر الذي يغر الخلق ويمنيهم بأباطيله ويلهيهم عن الآخرة { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } هذه هي مفاتح الغيب التي اختص الله بعلمها وهي خمس كما جاء في الحديث الصحيح " مفاتح الغيب خمسٌ لا يعلمهن إِلا الله وتلا الآية " أي عنده تعالى معرفة وقت قيام الساعة التي تقوم فيها القيامة { وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ } أي وعنده معرفة وقت نزول المطر ومحل نزوله { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } أي من ذكرٍ أو أنثى ، شقي أو سعيد { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً } أي ما يدري أحد ماذا يحدث له في غد ، وماذا يفعل من خير أو شر { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } أي كما لا يدري أحدٌ أين يموت ، ولا في أي مكانٍ يُقبر { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ } أي مبالغ في العلم ، يعلم كل الأمور ، خبير بظواهر الأشياء وبواطنها . البَلاَغَة : تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي : 1 - الطباق بين قوله { ظَاهِرَةً … وَبَاطِنَةً } وكذلك بين لفظ { ٱلْحَقُّ … وٱلْبَاطِلُ } . 2 - الإِنكار والتوبيخ مع الحذف { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ } أي أيتبعونهم ولو كان الشيطان الخ . 3 - المجاز المرسل { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ } أطلق الجزء وأراد الكل ففيه مجاز مرسل . 4 - التشبيه التمثيلي { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } شبه من تمسك بالإِسلام بمن أراد أن يرقى إِلى شاهق جبل فتمسك بأوثق جبل ، وحذف أداة التشبيه للمبالغة . 5 - المقابلة بين { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } وبين { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } الآية . 6 - الاستعارة { عَذَابٍ غَلِيظٍ } استعار الغلظ للشدة لأنه إِنما يكون للاجرام فاستعير للمعنى . 7 - تقديم ما حقه التأخير لإِفادة الحصر { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ } أي إليه لا إلى أحدٍ غيره . 8 - صيغ المبالغة في التالي { صَبَّارٍ شَكُورٍ } و { خَتَّارٍ كَفُورٍ } و { عَلَيمٌ خَبِيرٌ } و { سَمِيعٌ بَصِيرٌ } كما أنَّ فيها توافق الفواصل وهو من المحسنات البديعية ويسمى بالسجع .