Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 21-23)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه إذا أذاق الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالرخاء بعد الشدة ، والخصب بعد الجدب ، والمطر بعد القحط ، ونحو ذلك { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِيۤ آيَاتِنَا } قال مجاهد استهزاء وتكذيب ، { قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً } أي أشد استدراجاً وإمهالاً حتى يظن الظان من المجرمين أنه ليس بمعذب ، وإنما هو في مهلة ثم يؤخذ على غرة منه ، والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله ويحصونه عليه ، ثم يعرضونه على عالم الغيب والشهادة فيجازيه على النقير والقطمير ، ثم أخبر تعالى أنه : { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } أي يحفظكم ويكلؤكم بحراسته ، { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا } أي بسرعة سيرهم رافلين ، فبينما هم كذلك إذ { جَآءَتْهَا } أي تلك السفن { رِيحٌ عَاصِفٌ } أي شديدة ، { وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } أي اغتلم البحر عليهم ، { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } أي هلكوا ، { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي لا يدعون معه صنماً ولا وثناً يفردونه بالدعاء والابتهال ، كقوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } [ الإسراء : 67 ] ، { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ } أي هذه الحال { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } أي لا نشرك بك أحداً ولنفردنك بالعبادة كما أفردناك بالدعاء هٰهنا ، قال الله تعالى : { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ } أي من تلك الورطة ، { إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي كأن لم يكن من ذلك شيء ، { كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } [ يونس : 12 ] ، ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } أي إنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم ، ولا تضرون به أحداً غيركم ، كما جاء في الحديث : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " ، وقوله : { مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي إنما لكم متاع في الحياة الدنيا الدنيئة الحقيرة ، { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ } أي مصيركم ومآلكم ، { فَنُنَبِّئُكُمْ } أي فنخبركم بجميع أعمالكم ونوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .