Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 24-25)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ضرب تبارك وتعالى مثلاً لزهرة الحياة الدنيا وزينتها ، وسرعة انقضائها وزوالها ، بالنبات الذي أخرجه الله من الأرض ، مما يأكل الناس من زروع وثمار ، على اختلاف أنواعها وأصنافها ، وما تأكل الأنعام ، { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } أي زينتها الفانية ، { وَٱزَّيَّنَتْ } أي حسنت بما خرج في رباها من زهور نضرة مختلفة الأشكال والألوان { وَظَنَّ أَهْلُهَآ } الذين زرعوها وغرسوها { أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ } أي على جذاذها وحصادها ، فبينما هم كذلك إذ جاءتها صاعقة أو ريح شديدة باردة ، فأيبست أوراقها وأتلفت ثمارها ، ولهذا قال تعالى : { أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } أي يابساً بعد الخضرة والنضارة ، { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } أي كأنها ما كانت حيناً قبل ذلك ، وقال قتادة : { كَأَن لَّمْ تَغْنَ } كأن لم تنعم ، وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن ، قال تعالى إخباراً عن المهلكين : { فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ } [ هود : 94 - 95 ] ، ثم قال تعالى : { كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } أي نبين الحجج والأدلة { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا عن أهلها سريعاً ، مع اغترارهم بها وتفلتها عنهم ، وقد ضرب الله تعالى مثل الدنيا بنبات الأرض من غير ما آية من كتابه العزيز فقال : { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } [ الكهف : 45 ] ، وكذا في سورة ( الزمر ) و ( الحديد ) يضرب الله بذلك مثل الحياة الدنيا ، وقوله : { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها ، رغَّب في الجنة ودعا إليها وسمّاها دار السلام ، أي من الآفات والنقائص والنكبات فقال : { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال : " إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي ، وميكائيل عند رجلي ، يقول أحدهما لصاحبه : اضرب له مثلاً ، فقال : إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ داراً ، ثم بنى فيها بيتاً ثم جعل فيها مأدبة ، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه ، فمنهم من أجاب الرسول ، ومنهم من تركه ؛ فالله الملك ، والدار الإسلام ، والبيت الجنة ، وأنت يا محمد الرسول ، فمن أجابك دخل الإسلام ، ومن دخل الإسلام دخل الجنة ، ومن دخل الجنة أكل منها " .