Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 5-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عما خلق من الآيات الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه ، وأنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء ، وجعل شعاع القمر نوراً ، هذا فن وهذا فن آخر ؛ ففاوت بينهما لئلا يشتبها ، وجعل سلطان الشمس بالنهار ، وسلطان القمر بالليل ، وقدّر القمر منازل ، فأول ما يبدو صغيراً ، ثم يتزايد نوره وجرمه حتى يستوسق ويكمل إبداره ، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حالته الأولى في تمام شهر ، كقوله تعالى : { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } [ يس : 39 ] . وقوله تعالى : { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } [ الأنعام : 96 ] ، { وَقَدَّرَهُ } أي القمر ، { مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } فبالشمس تعرف الأيام ، وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام ، { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي لم يخلقه عبثاً بل له حكمة عظيمة في ذلك وحجة بالغة ، كقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً } [ ص : 27 ] ، وقال تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } [ المؤمنون : 115 ] ، وقوله : { يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } أي نبين الحجج والأدلة ، { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ، وقوله : { إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } أي تعاقبهما إذا جاء هذا ذهب هذا ، وإذا ذهب هذا جاء هذا ، لا يتأخر عنه شيئاً كقوله تعالى : { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } [ الأعراف : 54 ] ، وقال : { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } [ يس : 40 ] الآية ، وقوله : { وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي من الآيات الدالة على عظمته تعالى ، كما قال : { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ يوسف : 105 ] الآية ، وقوله : { قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ يونس : 101 ] ، وقال : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ آل عمران : 190 ] أي العقول ، وقال هٰهنا { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } ، أي عقاب الله وسخطه وعذابه .