Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-10)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ، وامتثلوا ما أمروا به ، فعملوا الصالحات ، بأنه سيهديهم بإيمانهم ، أي بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة ، ويحتمل أن تكون للاستعانة ، كما قال مجاهد في قوله : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } قال : يكون لهم نوراً يمشون به ، وقال ابن جريج : في الآية يمثل له عمله في صورة حسنة إذا قام من قبره يبشره بكل خير ، فيقول له : من أنت ؟ فيقول : أن عملك ، فيجعل له نوره من بين يديه حتى يدخله الجنة ، فذلك قوله تعالى : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة ، فيلزم صاحبه حتى يقذفه في النار . وقوله تعالى : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي هذا حال أهل الجنة ، قال ابن جريج : أخبرت أنه إذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا : سبحانك اللهم ، وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه ، فيسلم عليهم فيردون عليه ، فذلك قوله : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } قال : فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، وقال مقاتل : إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم : { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } قال : فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفة من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى ، قال : فيأكل منهن كلهن ، وهذه الآية فيها شبه من قوله : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } [ الأحزاب : 44 ] ، وقوله : { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [ الواقعة : 26 ] ، وقوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] ، وقوله : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 23 - 24 ] الآية ، وقوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فيه دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبداً ، المعبود على طول المدى ، ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه ، وفي ابتداء كتابه ، وعند ابتداء تنزيله ، حيث يقول تعالى : { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ } [ الكهف : 1 ] ، { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [ الأنعام : 1 ] إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها وأنه المحمود في الأولى والآخرة في جميع الأحوال ، ولهذا جاء في الحديث : " إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " ، وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تزايد نعم الله عليهم ، فتكرر وتعاد وتزداد ، فليس لها انقضاء ولا أمد ، فلا إلـٰه إلا هو ولا رب سواه .