Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 77-79)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن قدوم الملائكة بعدما أعلموا إبراهيم بهلاكهم وفارقوه ، فانطلقوا من عنده فأتوا لوطاً عليه السلام ، وهم في أجمل صورة تكون على هيئة شبان حسان الوجوه ، ابتلاءً من الله - وله الحكمة والحجة البالغة - فساءه شأنهم وضاقت نفسه بسببهم ، وخشي أن يضيفهم أحد من قومه فينالهم بسوء ، { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } ، قال ابن عباس : شديد بلاؤه ، وذلك أنه علم أنه سيدافع عنهم ويشق عليه ذلك . وذكر قتادة أنهم أتوه وهو في أرض له فتضيفوه فاستحيا منهم ، فانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطريق كالمعرض لهم بأن ينصرفوا عنه : ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء ، ثم مشى قليلاً ، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات ، قال قتادة وقد كانوا أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك ، قال السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدوم نصف النهار ، ولقوا بنت لوط تستقي ، فقالوا : يا جارية هل من منزل ؟ فقالت : مكانكم حتى آتيكم وفَرِقت عليهم من قومها فأتت أباها فقالت : يا أبتاه أدرك فتياناً على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسن منهم لا يأخذهم قومك وكان قومه نهوه أن يضيف رجلاً ، فقالوا : خل عنا فلنضيف الرجال ، فجاء بهم فلم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها فجاءوا يهرعون إليه ، وقوله : { يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } أي يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك ، وقوله : { وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي لم يزل هذا من سجيتهم حتى أخذوا وهم على ذلك الحال ، وقوله : { قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } يرشدهم إلى نسائهم ، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد ، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة ، كما قال في الآية الأخرى : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } [ الشعراء : 166 ] ، { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } [ الحجر : 71 ] ، وقال في هذه الآية الكريمة : { هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } قال مجاهد : لم يكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته ، وكذا روي عن قتادة وغير واحد . وقوله : { فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي } أي اقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم ، { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } أي فيه خير ، يقبل ما أمره به ويترك ما أنهاه عنه ، { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ } أي إنك لتعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن ، { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } أي ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك ، فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك ؟ قال السدي : { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } إنما نريد الرجال .