Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 10-11)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن إحاطة علمه بجميع خلقه ، وأنه سواء منهم من أسر قوله أو جهر به ، فإنه يسمعه لا يخفى عليه شيء كقوله : { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] ، وقال : { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [ النمل : 25 ] ، وقوله : { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيل } أي مختلف في قعر بيته في ظلام الليل ، { وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } أي ظاهر ماش في بياض النهار وضيائه ، فإن كلاهما في علم الله على السواء ، كقوله تعالى : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } [ هود : 5 ] الآية ، وقوله تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [ يونس : 61 ] ، وقوله : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } أي للعبد ملائكة يتعاقبون عليه ، حرس بالليل ، وحرس بالنهار ، يحفظونه من الأسواء والحادثات ، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، فاثنان عن اليمين والشمال ، يكتبان الأعمال صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه ، واحد من ورائه وآخر من قدامه ، فهو بين أربعة املاك بالنهار ، وأربعة آخرين بالليل بدلاً ، حافظان وكاتبان ، كما جاء في " الصحيح " : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " الحديث ، وفي الحديث الآخر : " إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع فاستحيوهم وأكرموهم " ، وقال ابن عباس : { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه ، وقال مجاهد : ما من عبد إلا له ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال له الملك : وراءك إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه . وقال الإمام أحمد رحمه الله ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة " قالوا : وإياك يا رسول الله ، قال : " وإياي ، ولكن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير " " وقوله : { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } قيل : المراد حفظهم له من أمر الله ، قاله ابن عباس ، وإليه ذهب مجاهد وسعيد بن جبير ، وقال قتادة : { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } يحفظونه بأمر الله ، وقال كعب الأحبار : لو تجلى لابن آدم كل سهل وكل حزن لرأى كل شيء من ذلك شيئاً يقيه ، ولولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذاً لتُخُطفتم ، قال أبو أمامة : ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له . وقال أبو مجلز : جاء رجل إلى علي رضي الله عنه وهو يصلي ، فقال : احترس ، فإن ناساً يريدون قتلك ، فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، إن الأجل جنة حصينة . وقال بعضهم : { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } بأمر الله ، كما جاء في الحديث أنهم قالوا : " يا رسول الله أرأيت رقيا تسترقي بها ، هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ فقال : " هي من قدر الله " ، وقال ابن أبي حاتم : " أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله إلا حوّل الله عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون " ، ثم قال : إن تصديق ذلك في كتاب الله : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } .