Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 8-9)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن تمام علمه الذي لا يخفى عليه شيء ، وأنه محيط بما تحمله الحوامل من كل الإناث ، كما قال تعالى : { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } [ لقمان : 34 ] أي ما حملت من ذكر أو أنثى ، أو حسن أو قبيح ، أو شقي أو سعيد ، أو طويل العمر أو قصيره ، كقوله تعالى : { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ } [ النجم : 32 ] الآية ، وقال تعالى : { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ } [ الزمر : 6 ] أي خلقكم طوراً من بعد طور ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } [ المؤمنون : 12 - 13 ] . وفي " الصحيحين " عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات ، بكتب رزقه وعمره وعمله وشقي أو سعيد " ، وفي الحديث الآخر : " فيقول الملك أي رب ! أذكر أم أنثى ! أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيقول الله ويكتب الملك " . وقوله تعالى : { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } ، قال البخاري ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ، لا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله " ، وقال ابن عباس : { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } يعني السقط { وَمَا تَزْدَادُ } ، يقول : ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماماً ، وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ، ومن تحمل تسعة أشهر ، ومنهن من تزيد في الحمل ، ومنهم من تنقص ، فلذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى وكل ذلك بعلمه تعالى ، وعنه : ما نقصت من تسعة وما زاد عليها ، وقال الضحاك : وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين ، وولدتني وقد نبتت ثنيتي ، وقال ابن جريج ، عن عائشة قالت : لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحرك ظل مغزل ، وقال مجاهد : { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال : ما ترى من الدم في حملها وما تزاد على تسعة أشهر ، وقال مجاهد أيضاً { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } : إراقة الدم حتى يخس الولد ، { وَمَا تَزْدَادُ } إن لم تهرق الدم تم الولد وعظم ، وقال مكحول : الجنين في بطن أمه لا يحزن ولا يغتم ، وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها فمن ثم لا تحيض الحامل ، فإذا وقع إلى الأرض استهل ، واستهلاله استنكاره لمكانه ، فإذا قطعت سرته حوّل الله رزقه إلى ثديي أمه ، حتى لا يحزن ولا يطلب ولا يغتم ، ثم يصير طفلاً يتناول الشيء بكفه فيأكله ، فإذا هو بلغ قال : هو الموت أو القتل أنى لي بالرزق ؟ فيقول مكحول : يا ويحك ، غذاك وأنت في بطن أمك ، وأنت طفل صغير ، حتى إذا اشتددت وعقلت قلت : هو الموت أو القتل أنى لي بالرزق ؟ ثم قرأ مكحول : { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } الآية ، وقال قتادة : { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } أي بأجل ، حفظ أرزاق خلقه وآجالهم وجعل لذلك أجلاً معلوماً ، وفي الحديث الصحيح : " إن إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم بعثت إليه أن ابناً لها في الموت ، وأنها تحب أن يحضره ، فبعث إليها يقول : " إن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فمروها فلتصبر ولتحتسب " الحديث بتمامه ، وقوله : { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } أي يعلم كل شيء مما يشاهده العباد ومما يغيب عنهم ولا يخفى عليه منه شيء { ٱلْكَبِيرُ } الذي هو أكبر من كل شيء { ٱلْمُتَعَالِ } أي على كل شيء ، { قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً } [ الطلاق : 12 ] وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعاً وكرهاً .