Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 2-2)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه ، أنه الذي بإذنه وأمره رفع السماوات بغير عمد ، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعداً لا تنال ولا يدرك مداها ، فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء ، من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها ، مرتفعة عليها من كل جانب على السواء ، وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام ، ثم السماء الثانية محيطة بالسماء الدنيا وما حوت ، وهكذا إلى السابعة ، وفي الحديث : " ما السماوات السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، والكرسي في العرش المجيد كتلك الحلقة في تلك الفلاة " وفي رواية : " العرش لا يقدر قدره إلا الله عزّ وجلّ " وجاء عن بعض السلف : أن بعد ما بين العرش إلى الأرض مسيرة خمسين ألف سنة وبعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة ، وهو من ياقوتة حمراء ، وقوله : { بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } السماء على الأرض مثل القبة ، يعني بلا عمد ، وهذا هو اللائق بالسياق ، والظاهر من قوله تعالى : { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ الحج : 65 ] فعلى هذا يكون قوله : { تَرَوْنَهَا } تأكيداً لنفي ذلك ، أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها ، وهذا هو الأكمل في القدرة ، وقوله تعالى : { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } تقدم تفسيره في سورة الأعراف ، وأنه يمر كما جاء من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ، ولا تمثيل تعالى الله علواً كبيراً ، وقوله : { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى } قيل : المراد أنهما يجريان إلى انقطاعهما بقيام الساعة ، كقوله تعالى : { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا } [ يس : 38 ] ، وقيل : المراد إلى مستقرهما وهو تحت العرش ، وذكر الشمس والقمر لأنهما أظهر الكواكب السيارة السبعة التي هي أشرف وأعظم من الثوابت ، فإذا كان قد سخر هذه فلأن يدخل في التسخير سائر الكواكب بطريق الأولى والأخرى ، كما نبه بقوله تعالى : { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ فصلت : 37 ] ، مع أنه قد صرح بذلك بقوله : { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الأعراف : 54 ] ، وقوله : { يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } أي يوضح الآيات والدلالات الدالة على أنه لا إله إلا هو وأنه يعيد الخلق إذا شاء كما بدأه .