Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 27-27)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى البخاري ، عن البراء بن عازب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إلٰه إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فذلك قوله : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } " وقال الإمام أحمد ، عن البراء بن عازب قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال : " استعيذوا بالله من عذاب القبر " مرتين أو ثلاثاً ، ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع في الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان - قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها ، فلا يمرون بها يعني على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلانَ بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أُخرى ، قال : فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله ، فيقولان له : وما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ، فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره ، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول : أبشر بالذي كنت يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول له : من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير ؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة ، رب أقم الساعة ، حتى أرجع إلى أهلي ومالي . قال : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء سود الوجه معهم المسوح فجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت ، فيجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى سخط من الله وغضب - قال - فتفرق في جسده فينتزعه كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت في وجه الأرض ، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } ، فيقول : الله : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحاً - ثم قرأ : { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيق } ، فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري . فينادي منادٍ من السماء : أن كذب عبدي ، فأفرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : ومن أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب لا تقم الساعة " . وفي " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إذا خرجت روح العبد المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها قال حماد : فذكر من طيب ريحها وذكر المسك - قال - ويقول أهل السماء : روح طيبة جاءة من قبل الأرض ، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه ، فينطلق به إلى ربه عزّ وجلّ فيقول : انطلقوا به إلى آخر الأجل . وإن كان الكافر إذا خرجت روحه - قال حماد - وذكر من نتنها وذكر مقتاً ويقول أهل السماء روح خبيثة جاءت من قبل الأرض ، فيقال : انطلقوا به إلى آخر الأجل . قال أبو هريرة : فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا . وقال ابن حبان في " صحيحه " ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون : اخرجي إلى روح الله ، فتخرج كأطيب ريح مسك ، حتى أنه ليتناوله بعضهم بعضاً يشمونه حتى يأتوا به باب السماء فيقولون : ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من قبل الأرض ؟ ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك حتى يأتوا به أرواح المؤمنين ، فلهم أشد فرحاً به من أهل الغائب بغائبهم ، فيقولون : ما فعل فلان ، فيقولون : دعوه حتى يستريح ، فإنه كان في غم ، فيقول : قد مات أما أتاكم ، فيقولون : ذهب إلى أمه الهاوية ، وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون : اخرجي إلى غضب الله ، فتخرج كأنتن ريح جيفة ، فيذهب به إلى الأرض " . وروى العوفي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة فسلموا عليه وبشروه بالجنة ، فإذا مات مشوا مع جنازته ، ثم صلوا عليه مع الناس ، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقال له : من رسولك ؟ فيقول : محمد صلى الله عليه وسلم فيقال له : ما شهادتك ؟ فيقول : أشهد أن لا إلٰه إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فيوسع له في قبره مد بصره . وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة فيبسطون أيديهم ، والبسط هو الضرب { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } [ الأنفال : 50 ] عند الموت ، فإذا أدخل قبره أقعد ، فقيل له : من ربك ؟ فلم يرجع إليهم شيئاً ، وأنساه الله ذكر ذلك ، وإذا قيل : من الرسول الذي بعث إليك ؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئاً { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ } . وقال ابن أبي حاتم ، عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } الآية ، قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك ؟ فيقول : الله ، فيقال له : من نبيك ؟ فيقول : محمد بن عبد الله ، فيقال له : ذلك مرات ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : أنظر إلى منزلك من النار لو زغت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له : انظر إلى منزلك من الجنة إذا ثبت . وإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من ربك ؟ من نبيك ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أسمع الناس يقولون ، فيقال له : لا دريت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر إلى منزلك إذا ثبت ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : انظر إلى منزلك إذ زغت ، فذلك قوله تعالى : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } . وقال عبد الرزاق : عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } قال : لا إلٰه إلا الله { وَفِي ٱلآخِرَةِ } : المسألة في القبر ، وقال قتادة أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح { وَفِي ٱلآخِرَةِ } : في القبر . وكذا روي عن غير واحد من السلف ، وعن عثمان رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال : " استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل " " .