Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 35-36)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى في هذا المقام محتجاً على مشركي العرب بأن البلد الحرام مكة ، إنما وضعت أول ما وضعت علىعبادة الله وحده لا شريك له ، وأن إبراهيم الذي كانت عامرة بسببه آهلة تبرأ ممّن عبد غير الله ، وأنه دعا لمكة بالأمن فقال : { رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً } ، وقد استجاب الله له فقال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً } [ العنكبوت : 67 ] الآية . وقال في هذه القصة : { رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً } فعرفه لأنه دعا به بعد بنائها ، ولهذا قال : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } [ إبراهيم : 39 ] ، ومعلوم أن إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة ، وقوله : { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته ، ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق من الناس ، وأنه تبرأ ممن عبدها ورد أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ، كقول عيسى عليه السلام : { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ المائدة : 118 ] وليس فيه أكثر من الرد إلى مشيئة الله تعالى لا تجويز وقوع ذلك . قال عبد الله بن وهب ، " عن عبد الله بن عمر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم عليه السلام : { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ } الآية ، وقول عيسى عليه السلام : { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } الآية ، ثم رفع يديه ، ثم قال : " اللهم أمتي ، اللهم أمتي ، اللهم أمتي " وبكى ، فقال الله : اذهب يا جبريل إلى محمد ، وربك أعلم ؛ وسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه السلام ، فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال : فقال الله : اذهب إلى محمد فقل له : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسؤوك " .