Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 87-88)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم : كما آتيناك القرآن العظيم فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها ، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه ، فلا تغبطهم بما هم فيه ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزناً عليهم في تكذيبهم لك ومخالفتهم دينك ، { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 215 ] أي ألن لهم جانبك ، كقوله : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] ، وقد اختلف في السبع المثاني ما هي ؟ فقال ابن مسعود وابن عباس : هي السبع الطوال ، يعنون " البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس " ، وقال سعيد : بين فيهن الفرائض والحدود والقصص والأحكام ، وقال ابن عباس : بيَّن الأمثال والخبر والعبر ، ولم يعطهن أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعطي موسى منهن ثنتين ، ( والقول الثاني ) : إنها الفاتحة وهي سبع آيات . قال ابن عباس : والبسملة هي الآية السابعة ، وقد خصكم الله بها ، وقال قتادة : ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب وأنهن يثنين في كل ركعة مكتوبة أو تطوع ؛ واختاره ابن جرير ، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك ، وقد أورد البخاري رحمه الله هٰهنا حديثين ( أحدهما ) عن أبي سعيد بن المعلى قال : " مرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني ، فلم آته حتى صليت فأتيته ، فقال : " ما منعك أن تأتيني " ؟ فقلت : كنت أصلي ، فقال : " ألم يقل الله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم } ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد " ؟ فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرت فقال : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته " ( الثاني ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم " ، فهذا نص في الفاتحة هي ( السبع المثاني ) والقرآن العظيم ، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطوال بذلك لما فيها من هذه الصفة ، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضاً ، كما قال تعالى : { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ } [ الزمر : 23 ] فهو مثاني من وجه ومتشابه من وجه وهو القرآن العظيم أيضاً ، كما أنه عليه الصلاة والسلام لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى ، فأشار إلى مسجده والآية نزلت في مسجد قباء ، فلا تنافي ، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة والله أعلم . وقوله : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أي استغن بما آتاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية . ومن هٰهنا ابن عيينة إلى تفسير الحديث الصحيح : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " إلى أنه يستغنى به عما عداه ، وهو تفسير صحيح ولكن ليس هو المقصود من الحديث كما تقدم في أول التفسير ، وقال ابن أبي حاتم عن أبي رافع صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيف ، ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم شيء يصلحه ، فأرسل إلى رجل من اليهود : " يقول لك محمد رسول الله أسلفني دقيقاً إلا هلال رجب " ، قال : لا ، إلا برهنٍ ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : " أما والله إني لأمين من في السماء ، وأمين من في الأرض ، ولئن أسلفني أو باعني لأؤدين إليه " ، فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [ طه : 131 ] إلى آخر الآية ، كأنه يعزيه عن الدنيا . قال ابن عباس { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } قال : نهى الرجل أن يتمنى ما لصاحبه . وقال مجاهد : { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } هم الأغنياء .