Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 89-93)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس : { إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } البين النذارة ، نذير للناس من عذاب أليم ، كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة لرسلها ، وما أنزل الله عليهم من العذاب والانتقام ، وقوله : { ٱلْمُقْتَسِمِينَ } أي المتحالفين ، أي تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم ، كقوله تعالى إخباراً عن قوم صالح إنهم : { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } [ النمل : 49 ] الآية ، أي نقتلهم ليلاً ، قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [ النحل : 38 ] ، { أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ } [ الأعراف : 49 ] فكأنهم لا يكذبون بشيء من الدنيا إلا أقسموا عليه فسموا مقتسمين . قال عبد الرحمٰن بن زيد : " المقتسمون أصحاب صالح الذين تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ، وفي " الصحيحين " عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال : يا قوم إني رأيت الجيش بعيني ، وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء ، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا ، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق " ، وقوله : { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } أي جزأوا كتبهم المنزلة عليهم ، فأمنوا ببعض وكفروا ببعض ، قال البخاري عن ابن عباس : { جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } قال : هم أهل الكتاب جزأوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . وقال عكرمة : العضة ، السحر بلسان قريش ، تقول للساحرة : إنها العاضهة ، وقال مجاهد : عضوه اعضاء قالوا : سحر ، وقالوا : كهانة ، وقالوا : أساطير الأولين ، وقال عطاء : قال بعضهم : ساحر ، وقالوا : مجنون ، وقالوا : كاهن ، فذلك العضين . وقال محمد بن إسحاق ، عن ابن عباس : إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ، وكان ذا شرف فيهم ، وقد حضر الموسم ، فقال لهم يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً ، ويرد قولكم بعضه بعضاً ، فقالوا : وأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقول به ، قال : بل أنتم قولوا لأسمع ، قالوا : نقول كاهن ، قال : ما هو بكاهن ، قالوا : فنقول مجنون ، قال : ما هو بمجنون ، قالوا : فتقول شاعر ، قال : ما هو بشاعر ، قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو بساحر ، قالوا : فماذا تقول ؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول أن تقولوا : هو ساحر ، فتفرقوا عنه بذلك ، وأنزل الله فيهم . { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } أصنافاً : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أولئك النفر الذين قالوا لرسول الله . وقال ابن عمر في قوله : { لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } قال : عن { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } [ الصافات : 35 ] ، وقال ابن مسعود : والذي لا إلٰه غيره ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة ، فيقول : ابن آدم ماذا غرك مني بي ؟ ابن آدم ماذا عملت فيما علمت ؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ وقال أبو جعفر ، عن أبي العالية في قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } قال : يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة : عما كانوا يعبدون ، وعماذا أجابوا المرسلين ، وقال ابن عيينة : عن عملك وعن مالك ، وقال ابن أبي حاتم ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معاذ إن المرء يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه حتى كحل عينيه ، وعن فتات الطينة بأصبعه ، فلا ألفينك يوم القيامة وأحد غيرك أسعد بما آتاك الله منك " وقال ابن عباس في قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، ثم قال : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] قال : لا يسألهم هل عملتم كذا ؟ لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكن يقول لم عملتم كذا وكذا ؟