Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 112-113)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا مثل أريد به أهل مكة ؟ فإنها كانت آمنة مطمئنة مستقرة يتخطف الناس من حولها ، ومن دخلها كان آمناً لا يخاف ، كما قال تعالى : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا } [ القصص : 57 ] ، وهكذا قال هٰهنا { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً } ، أي هنيئاً سهلاً ، { مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ } أي جحدت آلاء الله عليها وأعظمها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم ، كما قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } [ إبراهيم : 28 - 29 ] ولهذا بدلهم الله بحاليهم الأولين خلافهما فقال : { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ } أي ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليها ثمرات كل شيء ويأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، وذلك أنهم استعصوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو إلاّ خلافه ، فدعا عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأصابتهم سنة أذهبت كل شيء لهم ، فأكلوا العلهز ، وهو وبر يخلط بدمه إذا نحروه . وقوله : { وَٱلْخَوْفِ } وذلك أنهم بدلوا بأمنهم خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، حين هاجروا إلى المدينة من سطوته وسراياه وجيوشه ، وجعل كل ما لهم في دمار وسفال ، حتى فتحها الله على رسوله ، صلى الله عليه وسلم وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله فيهم منهم وامتن به عليهم في قوله : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } [ آل عمران : 164 ] الآية . وهذا الذي قلناه من أن هذا المثل ضرب لأهل مكة قاله ابن عباس ، وإليه ذهب مجاهد وقتادة والزهري رحمهم الله .