Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 66-67)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَإِنَّ لَكُمْ } أيها الناس { فِي ٱلأَنْعَامِ } وهي الإبل والبقر والغنم ، { لَعِبْرَةً } أي لآية ودلالة على حكمة خالقها وقدرته ورحمته ولطفه ، { نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ } الضمير عائد على الحيوان ، فإن الأنعام حيوانات ، أي نسقيكم مما في بطن هذا الحيوان ، وفي الآية الأخرى { مِّمَّا فِي بُطُونِهَا } [ المؤمنون : 21 ] ويجوز هذا وهذا ، كما في قوله : { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } [ عبس : 11 - 12 ] ، وقوله : { مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً } أي يتخلص الدم بياضه وطعمه وحلاوته ، من بين فرث ودم في باطن الحيوان ، فيسري كل إلى موطنه إذا نضج الغذاء في معدته ، فيصرف منه دم إلى العروق ، ولبن إلى الضرع ، وبول إلى المثانة ، وروث إلى المخرج ، وكل منها لا يشوب الآخر ، ولا يمازجه بعد انفصاله عنه ولا يتغير به . وقوله : { لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } أي لا يغص به أحد ، ولما ذكر اللبن وأنه تعالى جعله شراباً للناس سائغاً ثنى بذكر ما يتخذه الناس من الأشربة من ثمرات النخيل والأعناب ، وما كانوا يصنعون من النبيذ المسكر قبل تحريمه ، ولهذا امتن به عليهم فقال : { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً } ، قال ابن عباس : السكر ما حرم من ثمرتيهما ، والرزق الحسن ما أحل من ثمرتيهما ، وفي رواية : السكر حرامه ، والرزق الحسن حلاله ، يعني ما يبس منهما من تمر وزبيب ، وما عمل منهما من طلاء وهو الدبس وخل ونبيذ حلال يشرب قبل أن يشتد ، كما وردت السنة بذلك { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } ناسب ذكر العقل هٰهنا فإنه أشرف ما في الإنسان ، ولهذا حرم الله على هذه الأمة الأشربة المسكرة صيانة لعقولها وقال الله تعالى : { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ * لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } [ يس : 34 - 35 ] .