Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يمجد تعالى نفسه ، ويعظم شأنه ، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه ، فلا إله غيره ولا رب سواه ، { ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، { لَيْلاً } : أي في جنح الليل ، { مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } : وهو مسجد مكة { إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى } وهو بيت المقدس الذي بإيلياء معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام ، ولهذا جمعوا له هناك كلهم فأمهم في محلتهم ودارهم ، فدل على أنه هو الإمام الأعظم ، والرئيس المقدم ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين . وقوله تعالى : { ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } : أي في الزروع والثمار ، { لِنُرِيَهُ } : أي محمداً { مِنْ آيَاتِنَآ } : أي العظام ، كما قال تعالى : { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } [ النجم : 18 ] ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } أي السميع لأقوال عباده البصير بهم ، فيعطي كلا منهم ما يستحقه في الدنيا والآخرة . " ذكر الأحاديث الواردة في الإسراء " قال الإمام البخاري ، عن أنس بن مالك ، يقول : " ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة ، إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو ؟ فقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال آخرهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك الليلة فلم يرهم ، حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه - وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم - فلم يكلموه حتى احتملوه ، فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبريل ، فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ، ثم أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشو إيماناً وحكمة فحشا به صدره ولغاديده - يعني عروق حلقه - ثم أطبقه ، ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب باباً من أبوابها فناداه أهل السماء من هذا ؟ فقال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : معي محمد ، قالوا : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : فمرحباً به وأهلاً . يستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم ، فوجد في السماء الدنيا آدم ، فقال له جبريل هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلم عليه ورد عليه آدم ، فقال : مرحباً وأهلاً بابني ، نعم الابن أنت ، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان ، فقال : " ما هذان النهران يا جبريل ؟ " قال : هذان النيل والفرات عنصرهما ، ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر ، فقال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ، ثم عرج به إلى السماء الثانية ، فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الملائكة الأولى من هذا ؟ قال جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : مرحباً به وأهلاً ، ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية . ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك . ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية ، وهارون في الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة ، وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله تعالى ، فقال موسى : رب لم أظن أن ترفع علي أحداً . ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله عزَّ وجلَّ ، حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار رب العزة فتدلى ، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إليه فيما يوحي خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ، ثم هبط به حتى بلغ موسى ، فاحتبسه موسى فقال : يا محمد ، ماذا عهد إليك ربك ؟ قال : " عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة " . قال إن أمتك لا تستطيع ذلك ، فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم ، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت ، فعلا به إلى الجبار تعالى وتقدس ، فقال وهو في مكانه : " يا رب خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هذا " ، فوضع عنه عشر صلوات ، ثم رجع موسى فاحتبسه ، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه موسى عند الخمس ، فقال : يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه ، فأمتك أضعف أجساداً وقلوباً وأبداناً وأبصاراً وأسماعاً ، فارجع فليخفف عنك ربك ، كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل ، فرفعه عند الخامسة فقال : " يا رب إن أمتي ضعفاء ، أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأبدانهم ، فخفف عنا ، فقال الجبار تبارك وتعالى : يا محمد ! قال : " لبيك وسعديك " ، قال : إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب ، فكل حسنة بعشر أمثالها ، فهي خمسون في أم الكتاب ، وهي خمس عليك ، فرجع إلى موسى ، فقال : كيف فعلت ؟ فقال : " خفف عنا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها " ، قال موسى : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ، فارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضاً ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا موسى قد والله استحييت من ربي عزَّ وجلَّ مما اختلف إليه " . قال فاهبط باسم الله . قال واستيقظ وهو في المسجد الحرام " ، هكذا ساقه البخاري في كتاب التوحيد . وقد قال الحافظ البيهقي : في حديث شريك زيادة تفرد بها على مذهب من زعم أنه صلى الله عليه وسلم رأى الله عزَّ وجلَّ ، يعني قوله : ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى . قال : وقول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة في حملهم هذه الآيات على رؤيته جبريل أصح . وهذا الذي قاله البيهقي رحمه الله في هذه المسألة هو الحق ، فإن أبا ذر قال : " يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قال : " نور أنى أراه " وفي رواية : " رأيت نوراً " أخرجه مسلم ، وقوله : { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } [ النجم : 8 ] إنما هو جبريل عليه السلام كما ثبت ذلك في " الصحيحين " عن عائشة أم المؤمنين ، وعن ابن مسعود ، وكذلك هو في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة في تفسير هذه الآية بهذا . وقال الإمام أحمد ، عن أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتيت بالبراق وهو دابة ، أبيض ، فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت فأتاني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة ، قال : ثم عرج بي إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل ، فقيل له من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ، فرحبا بي ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بيوسف عليه السلام وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ، فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس ، فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم يقول تعالى { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } ، ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : قد أرسل إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون ، فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بموسى عليه السلام ، فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام ، وإذا هو مستند إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه . ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها ، قال : فأوحى الله إليّ ما أوحى ، وقد فرض عليّ في كل يوم وليلة ، خمسين صلاة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، قال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ، قال فرجعت إلى ربي فقلت : أي رب خفف عن أمتي ، فحط عني خمساً ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، فقال : ما فعلت ، فقلت : قد حط عني خمساً ، فقال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فلم أزل أرجع إلى ربي وبين موسى ، ويحط عني خمساً خمساً حتى قال : يا محمد هن خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فتلك خمسون صلاة ، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت عشراً ، ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت " . عن أنس بن مالك قال : " لما جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق فكأنها حركت ذنبها ، فقال لها جبريل : مه يا براق فوالله ما ركبك مثله ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بعجوز على جانب الطريق ، فقال : " ما هذه يا جبريل ؟ " قال : سر يا محمد . قال : فسار ما شاء الله أن يسير فإذا شيء يدعوه متخياً عن الطريق ، فقال : هلم يا محمد ، فقال له جبريل : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير ، قال فلقيه خلق من خلق الله ، فقالوا : السلام عليك يا أول ، السلام عليك يا آخر ، السلام عليك يا حاشر ، فقال له جبريل : اردد السلام يا محمد ، فرد السلام ، ثم لقيه الثانية ، فقال له مثل مقالته الأولى ، ثم الثالثة كذلك حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فعرض عليه الخمر والماء واللبن ، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبريل : أصبت الفطرة ، ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك ، ولو شربت الخمر لغويت ولغوت أمتك ، ثم بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء عليهم السلام ، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة . ثم قال له جبريل : أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق فلم يبق من الدنيا إلاّ كما بقي من عمر تلك العجوز ، وأما الذي أراد أن تميل إليه فذاك عدو الله إبليس أراد أن تميل إليه ، وأما الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام " . ( رواية عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة ) قال الإمام أحمد ، عن أنَس بن مالك : إن مالك بن صعصعة حدثه ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال : " " بينما أنا في الحطيم - وربما قال قتادة في الحجر - مضطجعاً إذ أتاني آت ، فجعل يقول لصاحبه : الأوسط بين الثلاثة ، قال : فأتاني فشقّ ما بين هذه إلى هذه " ، أي من ثغرة نحره إلى شعرته ، " فاستخرج قلبي ، قال : فأتيت بطست من ذهب مملوء إيماناً وحكمة ، فغسل قلبي ثم حشا ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض " . قال ، فقال الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال : نعم يقع خطوه عند أقصى طرفه ، قال : " فحملت عليه فانطلق بي جبريل عليه السلام حتى أتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل : ما هذا ، قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، فقيل : مرحباً به ولنعم المجيء جاء ، قال : ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا فيها آدم عليه السلام . قال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ فقال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ولنعم المجيء جاء ، قال : ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا عيسى ويحيى وهما ابنا الخالة ، قال : هذان يحيى وعيسى فسلم عليهما ، قال : فسلمت فردا السلام ، ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الثالثة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ولنعم المجيء جاء ، قال : ففتح لنا ، فلما خلصت إذ يوسف عليه السلام ، قال : هذا يوسف ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : قد أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ولنعم المجيء جاء ، قال : ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا إدريس عليه السلام ، قال : هذا إدريس ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، قال : ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحباً بك ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا هارون عليه السلام ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، قال : ثم صعد حتى أتى السماء السادسة فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا أنا بموسى عليه السلام ، قال : هذا موسى عليه السلام فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، قال : فلما تجاوزته بكى ، قيل : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، قال : ثم صعد حتى أتى السماء السابعة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ولنعم المجيء ، جاء ، قال : ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا إبراهيم عليه السلام ، فقال : هذا إبراهيم فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح ، قال : ثم رفعت إلى سدرة انتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، فقال : هذه سدرة المنتهى ، قال : وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، قال : ثم رفع إليّ البيت المعمور " . قال قتادة : وحدثنا الحسن ، عن أبي هريرة ، " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألفاً ثم لا يعودون فيه ، ثم رجع إلى حديث أنس ، قال : " ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل قال : فأخذت اللبن ، قال : هذه الفطرة أنت عليها وأمتك ، قال : ثم فرضت عليّ الصلاة خمسين صلاة كل يوم ، قال : فنزلت حتى أتيت موسى ، فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قال . قلت : خمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك . قال : فرجعت فوضع عني عشراً ، قال : فرجعت إلى موسى . فقال : بم أمرت ؟ قلت بأربعين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشراً أُخر . فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ، فقلت : أمرت بثلاثين صلاة . قال : إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة . فارجع لى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشراً أُخر ، فرجعت إلى موسى فقال : بم أمرت ، قلت : بعشرين صلاة كل يوم . فقال : إن أمتك لا تستطيع العشرين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشراً أخر . فرجعت إلى موسى فقال : بم أمرت ؟ فقلت : أمرت بعشر صلوات كل يوم ، فقال : إن أمتك لا تستطيع العشر صلوات كل يوم ، وإني خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم . فرجعت إلى موسى فقال : بم أمرت . فقلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم . فقال : إن أمتك لا تستطيع الخمس صلوات كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : قلت : قد سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم . فنفذت ، فنادى مناد قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي " " . ( رواية أنس عن أبي ذر ) قال البخاري ، عن أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا ، فلما جئت إلى السماء قال جبريل لخازن السماء : افتح ، قال : من هذا ؟ قال : جبريل ، قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : أرسل إليه ؟ قال : نعم ، فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رحل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح . قال : قلت لجبريل : من هذا ؟ قال : هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه . فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار ، فإذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى ، ثم عرج بي إلى السماء الثانية ، فقال لخازنها : افتح ، فقال له خازنها مثل ما قال له الأول ففتح " ، قال أنس : فذكر أنه قد وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم ، غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا ، وإبراهيم في السماء السادسة . قال أنس : فلما مر جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم بإدريس ، قال : مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح ، فقلت من هذا ؟ قال : إدريس ، ثم مر بموسى فقال : مرحباً : بالنبي الصالح والأخ الصالح ، فقلت : من هذا ، قال : هذا موسى ، ثم مررت بعيسى ، فقال : مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا عيسى ، ثم مررت بإبراهيم ، فقال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم " ، قال الزهري : فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام " قال ابن حزم وأنس بن مالك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ففرض الله على أمتي خمسين صلاة ، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى عليه السلام ، فقال : ما فرض الله على أمتك ؟ قلت : فرض خمسين صلاة ، قال موسى : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فرجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى قلت : وضع شطرها ، فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فرجعت فوضع شطرها فرجعت إليه ، فقال : ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته فقال : هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي ، فرجعت إلى موسى فقال : ارجع إلى ربك ، قلت قد استحييت من ربي ، ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، ثم أدخلت الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ وإذا ترابها المسك " . عن جابر بن عبد الله ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس ، قمت في الحجر فجلَّى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " عن ابن شهاب قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتهى إلى بيت المقدس لقي فيه إبراهيم وموسى وعيسى ، وإنه أتي بقدحين من لبن وقدح من خمر ، فنظر إليهما ثم أخذ قدح اللبن ، فقال جبريل : أصبت هديت للفطرة ، لو أخذت الخمر لغوت أمتك ، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فأخبر أنه أسري به فافتتن ناس كثير كانوا قد صلوا معه " وقال ابن شهاب : قال أبو سلمة بن عبد الرحمٰن : " فتجهز - أو كلمة نحوها - ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا : هل لك في صاحبك ؟ يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ، ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة . فقال أبو بكر : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : فتصدقه في أن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح ؟ قال : نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء " ، قال أبو سلمة : فبها سمي أبو بكر الصديق : قال أبو سلمة : فسمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يحدث ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس ، قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " . ( رواية شداد بن أوس ) روى الإمام الترمذي ، عن جبير بن نفير ، عن شداد بن أوس قال ، قلنا : يا رسول الله ، كيف أسري بك ؟ قال : " صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتماً ، فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض - أو قال بيضاء - فوق الحمار ودون البغل ، فقال : اركب ، فاستصعب علي ، فرازها بأذنها . ثم حملني عليها . فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث انتهى طرفها حتى بلغنا أرضاً ذات نخل فأنزلني . فقال : صلِّ ، فصليت ، ثم ركبت ، فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم ، قال : صليت بيثرب ، صليت بطيبة ، فانطلقت تهوي بنا ، يقع حافرها عند منتهى طرفها ، ثم بلغنا أرضاً ، قال : انزل ، ثم قال : صلِّ ، فصلَّيت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم ، قال : صليت بمدين عند شجرة موسى ، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضاً بدت لنا قصور ، فقال : انزل فنزلت ، فقال : صلِّ ، فصلَّيت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم ، قال : صليت ببيت لحم ، حيث ولد عيسى ابن مريم ، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر ، فصليت من المسجد حيث شاء الله ، وأخذني من العطش أشد ما أخذني ، فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل أرسل إليّ بهما جميعاً ، فعدلت بينهما ثم هداني الله عزَّ وجلَّ فأخذت اللبن فشربت حتى عرقت به جبيني ، وبين يدي شيخُ متكئ على مثوات له ، فقال : أخذ صاحبك الفطرة إنه ليهدى ، ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الروابي ، قلت : يا رسول الله كيف وجدتها ؟ قال : وجدتها مثل الحمة السنخة ، ثم انصرف بين فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيراً لهم قد جمعه فلان فسلمت عليهم ، فقال بعضهم : هذا صوت محمد ، ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة ، فأتاني أبو بكر رضي الله عنه ، فقال : يا رسول الله أين كنت الليلة فقد التمستك في منامك ، فقد علمت أنك أتيت بيت المقدس الليلة ، فقال يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي . قال : ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا يسألني عن شيء إلاّ أنبأته . فقال أبو بكر : أشهد أنك لرسول الله ، وقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشه يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة ! قال : فقال : إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا ، وقد أضلوا بعيراً لهم فجمعه لهم فلان ، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا ، ويأتونكم يوم كذا وكذا ، يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان ، فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينظرون حين كان قريباً من نصف النهار ، حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم " . قال البيهقي ، عن قتادة عن أبي العالية ، قال : حدثنا ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " رأيت ليلة أسرى بي موسى بن عمران رجلاً طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس " . وأري مالكاً خازن جهنم ، والدجال في آيات أراهن الله إياه ، قال : { فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ } " ، فكان قتادة يفسرها " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد لقي موسى عليه السلام ، { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } قال : جعل موسى هدى لبني إسرائيل " عن ابن عباس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما كان ليلة أسري بي فأصبحت بمكة ، عرفت أن الناس مكذبي ، فقعد معتزلاً حزيناً ، فمرّ به عدّو الله أبو جهل ، فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ : هل كان من شيء ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " ، قال : وما هو ؟ قال : " إني أسري بي الليلة " ، قال : إلى أين ؟ قال : " إلى بيت المقدس " . قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ ! قال : " نعم " ، قال : فلم ير أن يكذبه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه ، قال : أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " ، فقال : يا معشر بني كعب بن لؤي ، قال : فانفضت إليه المجالس وجاءوا حتى جلسوا إليهما ، قال : حدّث قومك بما حدثتني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أسري بي الليلة " ، فقالوا : إلى أين ؟ قال : " إلى بيت المقدس " ، قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : " نعم " . قال ، فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجباً للكذب ، قالوا : وتستطيع أن تنعت لنا المسجد ؟ وفيهم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت ، قال : فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل ، فنعته وأنا أنظر إليه ، قال : وكان مع هذا نعت لم أحفظه ، قال ، فقال القوم : أما النعت فوالله لقد أصاب فيه " . وقد روى البخاري ومسلم في " الصحيحين " ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حين أسري بي لقيت موسى عليه السلام - فنعته فإذا رجل حسبته قال : مضطرب . رجلُ الرأس ، كأنه من رجال شنوءة ، قال : ولقيت عيسى - فنعته النبي صلى الله عليه وسلم قال : ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس - يعني حمام ، قال : ولقيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به ، قال : وأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر ، قيل لي : خذ أيهما شئت ، فأخذت اللبن فشربت ، فقيل لي : هديت الفطرة ، - أو أصبت الفطرة - أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك " ، وفي " صحيح مسلم " ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني مسراي ، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كرباً ما كربت مثله قط ، فرفعه الله إلي أنظر إليه ، ما سألوني عن شيء إلاّ أنبأتهم به ، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء ، وإذا موسى قائم يصلي وإذا هو رجل جعد كأنه من رجال شنوءة ، وإذا عيسى ابن مريم قائم يصلي أقرب الناس شبهاً به عروة بن مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم قائم يصلي أقرب الناس شبهاً به صاحبكم - يعني نفسه - فحانت الصلاة فأممتهم ، فلما فرغت قال قائل : يا محمد هذا مالك خازن جهنم ، فالتفت إليه فبدأني بالسلام " . قال ابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت ليلة أسري بي لما انتهيت إلى السماء السابعة ، فنظرت فوق ، فإذا رعد وبرق وصواعق ، قال : وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء آكلوا الربا ، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فذا أنا برهج ودخان وأصوات ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم لا يتفكرون في ملكوت السماوات والأرض ، ولولا ذلك لرأوا العجائب " فصل وإذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث يحصل مضمون ما اتفقت عليه من مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ، وأنه مرة واحدة ، قال الزهري : كان الإسراء قبل الهجرة والحق أنه عليه السلام أسري به ( يقظة ) لا ( مناماً ) من مكة إلى بيت المقدس راكباً على البراق ، فلما انتهى إلى باب المسجد ربط الدابة عند الباب ودخله فصلى في قبلته تحية المسجد ركعتين ، ثم أتي بالمعراج وهو كالسلم ذو درج يرقى فيها فصعد فيه إلى السماء الدنيا ، ثم إلى بقية السماوات السبع ، فتلقاه من كل سماء مقربوها ، وسلم على الأنبياء الذين في السماوات بحسب منازلهم ودرجاتهم ، حتى مرّ بموسى الكليم في السادسة ، وإبراهيم الخليل في السابعة ، ثم جاوز منزلتيهما صلى الله عليه وسلم وعليهما وعلى سائر الأنبياء ، حتى انتهى إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام . أي أقلام القدر ، بما هو كائن ، ورأى سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة . وغشيتها الملائكة ، ورأى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح ، ورأى رفرفاً أخضر قد سد الأفق . ورأى البيت المعمور وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضية مسنداً ظهره إليه لأنه الكعبة السماوية ، يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة يتعبدون فيه ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة . ورأى الجنة والنار وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين ، ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفاً بعباده ، وفي هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها ، ثم هبط إلى بيت المقدس وهبط معه الأنبياء فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة ، ويحتمل أنها الصبح يومئذٍ ، ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء ، والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس ولكن في بعضها أنه كان أول دخوله إليه ، والظاهر أنه بعد رجوعه إليه لأنه لما مرّ بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحداً واحداً وهو يخبره بهم . وهذا هو اللائق ، لأنه كان أولاً مطلوباً إلى الجناب العلوي ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالى ، ثم لما فرغ من الذي أريد به اجتمع به هو وإخوته من النبيين ، ثم أظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة ، وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام له في ذلك . ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد إلى مكة بغلس والله سبحانه وتعالى أعلم . ثم اختلف الناس هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه أو بروحه فقط ؟ على قولين ، فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظه لا مناماً . ولا ينكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل ذلك مناماً ثم رآه بعد ذلك يقظه لأنه كان عليه السلام لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح ، والدليل على هذا قوله تعالى : { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } . فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام ، فلو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيء ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذيبه . ولما ارتدت جماعة مما كان قد أسلم . وأيضاً فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد وقد قال : { أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } وقال تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّؤيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } [ الإسراء : 60 ] قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، والشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم . وقال تعالى : { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [ النجم : 17 ] . والبصر من آلات الذات لا الروح ، وأيضاً فإنه حمل على البراق وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان وإنما يكون هذا للبدن لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه والله أعلم . وقال آخرون : بل أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم بروحه ولا بجسده وقد تعقبه أبو جعفر بن جرير في تفسير بالرد والإنكار والتشنيع بأن هذا خلاف ظاهر سياق القرآن . فائدة وقد ذكر حديث الإسراء ، من طريق أنس ، وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء ، عن عمر بن الخطاب ، وعلي ، وابن مسعود ، وأبي ذر ، ومالك بن صعصعة ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وابن عباس ، وشداد بن أوس ، وأُبي بن كعب ، وعبد الله بن عمرو ، وجابر ، وحذيفة ، وأبي أيوب ، وأبي أمامة ، وسمرة بن جندب ، وصهيب الرومي ، وأم هانئ ، وعائشة ، وأسماء رضي الله عنهم أجمعين ، منهم من ساقه بطوله ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد . وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة ، فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون وأعرض عنه الزنادقة والملحدون { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } [ الصف : 8 ] .