Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 4-8)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب ، أي تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ويعلون علواً كبيراً ، أي يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس ، كقوله تعالى : { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } [ الحجر : 66 ] أي تقدمنا إليه وأخبرناه بذلك وأعلمناه به . وقوله : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي أولى الإفسادتين { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي سلطنا عليكم جنداً من خلقنا أولي بأس شديد ، أي قوة وعدة وسلطنة شديدة ، { فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ } أي تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم ، أي بينها ووسطها ذاهبين وجائين لا يخافون أحداً ، { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } . وقد اختلف المفسرون في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ؟ فعن ابن عباس وقتادة : أنه ( جالوت ) وجنوده سلط عليهم أولاً ثم أديلوا عليه بعد ذلك ، وقتل داود جالوت ، ولهذا قال : { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } الآية ، وعن سعيد بن جبير وعن غيره أنه ( بختنصر ) ملك بابل . وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوّهم فاستباح بيضتهم ، وسلك خلال بيوتهم ، وأذلهم وقهرهم ، جزاء وفاقاً { وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] ، فإنهم كانوا قد تمردوا ، وقتلوا خلقاً من الأنبياء والعلماء وقد روى ابن جرير ، عن يحيى ابن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : ظهر بختنصر على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم ، ثم أتى دمشق فوجد بها دماً يغلي على كبا ، فسأله ما هذا الدم ؟ فقالوا : أدركنا آباءنا على هذا ، قال : فقتل على ذلك الدم سبعين ألفاً من المسلمين وغيرهم ، فسكن . وهذا صحيح إلى سعيد ابن المسيب وهذا هو المشهور . وأنه قتل أشرافهم وعلماءهم ، حتى إنه لم يبق من يحفظ التوراة ، وأخذ معه منهم خلقاً كثيراً أسرى من أبناء الأنبياء وغيرهم ، وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها ، ولو وجدنا ما هو صحيح أو ما يقاربه لجاز كتابته وروايته والله أعلم . ثم قال تعالى : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أي فعليها ، كما قال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } [ الجاثية : 15 ] ، وقوله : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } أي الكرة الآخرة ، أي إذا أفسدتم الكرة الثانية وجاء أعداؤكم { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } : أي يهينوكم ويقهروكم ، { وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ } أي بيت المقدس { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } : أي في التي جاسوا فيها خلال الديار ، { وَلِيُتَبِّرُواْ } : أي يدمروا ويخربوا { مَا عَلَوْاْ } أي ما ظهروا عليه { تَتْبِيراً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ } : أي فيصرفهم عنكم { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } أي متى عدتم إلى الإفساد عدنا إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال ، ولهذا قال : { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } أي مستقراً ومحصراً وسجناً لا محيد عنه . قال ابن عباس { حَصِيراً } أي سجناً . وقال الحسن : فراشاً ومهاداً ، وقال قتادة : قد عاد بنو إسرائيل فسلط الله عليهم هذا الحي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون .