Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 103-106)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عن مصعب قال : سألت أبي ، يعني سعد بن أبي وقاص ، عن قول الله : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } أهم الحرورية ؟ قال : لا ، هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، فكان سعد رضي الله عنه يسميهم الفاسقين . وقال علي بن أبي طالب والضحّاك وغير واحد : هم الحرورية ، ومعنى هذا عن علي رضي الله عنه ، أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم ، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها ، وأن عمله مقبول ، وهو مخطئ وعمله مردود ، كما قال تعالى { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } [ الفرقان : 23 ] ، وقال تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً } [ النور : 39 ] ، وقال في هذه الآية الكريمة { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم } أي نخبركم { بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } ، ثم فسرهم فقال : { ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي عملوا أعمالاً باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة ، { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } أي يعتقدون أنهم على شيء ، وأنهم مقبولون محبوبون ، وقوله { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } : أي جحدوا آيات الله في الدنيا ، وبراهينه التي أقام على وحدانيته ، وصدق رسله وكذبوا بالدار الآخرة ، { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } أي لا نثقل موازينهم لأنها خالية عن الخير ، روى البخاري ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة - وقال - اقرأوا إن شئتم : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } " ، وقال ابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بالرجل الأكول الشروب العظيم فيوزن بحبة فلا يزنها " ، قال قرأ { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رجل من قريش يخطر في حلة له ، فلما قام على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا بريدة هذا ممن لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزناً " ، وعن كعب قال : يؤتى يوم القيامة برجل عيظم طويل فلا يزن عند الله جناح بعوضة ، اقرأوا : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } . وقوله { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ } أي إنما جازيناهم بهذا الجزاء بسبب كفرهم ، واتخاذهم آيات الله ورسله هزواً استهزأوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب .