Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 17-17)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخبر تعالى أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه { ذَاتَ ٱلْيَمِينِ } ، قال ابن عباس { تَّزَاوَرُ } : أي تميل ، وذلك أنها كلما ارتفعت في الأفق تقلص شعاعها بارتفاعها حتى لا يبقى منه شيء عند الزوال في مثل ذلك المكان ، ولهذا قال : { وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ } أي تدخل إلى غارهم من شمال بابه وهو من ناحية المشرق ، فدل على صحة ما قلناه ، وهذا بين لمن تأمله وكان له علم بمعرفة الهيئة وسير الشمس والقمر والكواكب . وبيانه أنه لو كان باب الغار من ناحية الشرق لما دخل إليه منها شيء من عند الغروب ، ولو كان من ناحية القبلة لما دخل منها شيء عند الطلوع ولا عند الغروب ولا تزاور الفيء يميناً ولا شمالاً ؛ ولو كان من جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع ، بل بعد الزوال ولم تزل فيه إلى الغروب ، فتعين ما ذكرناه ولله الحمد . وقال ابن عباس ومجاهد : { تَّقْرِضُهُمْ } تتركهم ، وقد أخبر الله تعالى بذلك وأراد منا فهمه وتدبره ، ولم يخبرنا بمكان هذا الكهف في أي البلاد من الأرض ، ولو كان لنا فيه مصلحة دينية لأرشدنا الله تعالى ورسوله إليه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت شيئاً يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أعلمتكم به " فأعلمنا تعالى بصفته ولم يعلمنا بمكانه فقال : { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ } ، قال مالك : تميل ، { ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ } أي في متسع منه داخلاً ، بحيث لا تصيبهم ، إذ لو أصابتهم لأحرقت أبدانهم وثيابهم ، قاله ابن عباس ، { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } حيث أرشدهم إلى هذا الغار الذي جعلهم فيه أحياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتبقى أبدانهم ، ولهذا قال تعالى : { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } ثم قال : { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } أي هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم فإنه من هداه الله اهتدى ، ومن أضله فلا هادي له .