Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 97-99)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن يأجوج ومأجوج ، إنهم ما قدروا عل أن يصعدوا من فوق هذا السد ، ولا قدروا على نقبه من أسفله ، ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلا بما يناسبه ، فقال : { فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً } ، وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه ولا على شيء منه ، فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي عليهم ، ارجعوا فستحفرونه غداً ، فيعودون إليه كأشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس ، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله ، فيستثني فيعودون إليه ، وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ، ويخرجون على الناس فينشفون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله عليهم نغفاً في رقابهم فيقتلهم بها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتَشْكر شكراً من لحومهم ودمائهم " " ، ففي رفعه نكارة ، لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته ويؤيد ما قلناه من أنهم لم يتمكنوا من نقبه ، ومن نكارة هذا المرفوع ، قول الإمام أحمد ، عن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : " لا إلٰه إلاّ الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ، وحلق بأصبعيه السبابة والإبهام " ، قلت : يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " " . { قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي } أي لما بناه ذو القرنين { قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي } ، أي بالناس حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلاً يمنعهم من العيث في الأرض والفساد { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي } أي إذا اقترب الوعد الحق { جَعَلَهُ دَكَّآءَ } أي ساواه بالأرض ، تقول العرب : ناقة دكاء إذا كان ظهرها مستوياً لا سنام لها ، وقال تعالى : { فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً } [ الأعراف : 143 ] أي مساوياً للأرض ، وقال عكرمة في قوله : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ } قال : طريقاً كما كان ، { وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً } أي كائناً لا محالة . وقوله : { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ } أي الناس ، { يَوْمَئِذٍ } أي يوم يدك هذا السد ويخرج هؤلاء فيموجون في الناس ، ويفسدون على الناس أموالهم ، ويتلفون أشياءهم وهكذا قال السدي ، في قوله { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ } قال : ذاك حين يخرجون على الناس ، وهذا كله قبل يوم القيامة ، وبعد الدجال ، كما سيأتي بيانه عند قوله : { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } [ الأنبياء : 96 - 97 ] الآية . وهكذا قال هٰهنا ، { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ } قال : هذا أول يوم القيامة ، { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } على أثر ذلك { فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً } ، وقال آخرون : بل المراد بقوله : { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ } ، قال : إذا ماج الجن والإنس يوم القيامة يختلط الإنس والجن ، وقوله : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } ، والصور كما جاء في الحديث ، قرن ينفخ فيه ، والذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام ، وفي الحديث عن ابن عباس وأبي سعيد مرفوعاً : " " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ، واستمع متى يؤمر " ، قالوا : كيف نقول ؟ قال : " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا " " ، وقوله : { فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً } أي أحضرنا الجميع للحساب { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [ الواقعة : 49 - 50 ] ، { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [ الكهف : 47 ] .