Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 25-25)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب والنكال ، عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله الذي صدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة ، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال العلماء كما سنبسطه في موضعه ، وهو أن يذكر الإيمان ويتبع بذكر الكفر أو عكسه ، أو حال السعداء ثم الأشقياء أو عكسه ، وحاصله ذكر الشيء ومقابله . وأما ذكر الشي ونظيره فذاك التشابه كما سنوضحه إن شاء الله . فلهذا قال تعالى : { وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار أي من تحت أشجارها وغرفها وقد جاء في الحديث أن أنهارها تجري في غير أخدود . وقوله تعالى : { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } . قال السدي في تفسيره : إنهم أتوا بالثمرة في الجنة فلما نظروا إليها قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا . وقال عكرمة : { قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } معناه مثل الذي كان بالأمس ، وقال آخرون : { هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } من ثمار الجنة لشدة مشابهة بعضه بعضاً لقوله تعالى : { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } ، وعن يحيى بن أبي كثير قال : يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء فيأكل منها ، ثم يؤتى بأُخرى فيقول هذا الذي أتينا به من قبل ، فتقول الملائكة : كُلْ فاللون واحد ، والطعم مختلف . وقال ابن جرير بإسناده في قوله تعالى : { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } يعني في اللون والمرأى وليس يشبه في الطعم . وهذا اختيار ابن جرير ، وقال عكرمة { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } قال : يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب ، وعن ابن عباس " لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء " ، وفي رواية " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء " . وقوله تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } قال ابن عباس : مطهرة من القذر والأذى . وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد . وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم ، وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } قال : من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق . وقوله تعالى : { وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } هذا هو تمام السعادة ، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين ، من الموت والانقطاع فلا آخر له ، ولا انقضاء بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام … والله المسؤول أن يحشرنا في زمرتهم إنه جواد كريم ، برٌّ رحيم .