Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 270-271)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى بأنه عالم بجميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات والمنذورات ، وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين لذلك ابتغاء وجهه ورجاء موعوده . وتوعد من لا يعمل بطاعته بل خالف أمره وكذب خبره وعبد معه غيره ، فقال : { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } أي يوم القيامة ينقذونهم من عذاب الله ونقمته . وقوله تعالى : { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ } أي إن أظهرتموها فنعم شيء هي ، وقوله تعالى : { وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها ، لأنه أبعد عن الرياء ، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به ، فيكون أفضل من هذه الحيثية . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسرُّ بالقرآن كالمسر بالصدقة " والأصل : أن الإسرار أفضل لهذه الآية ، ولما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله رب العالمين ، ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " . وفي الحديث المروي : " صدقة السر تطفىء غضب الرب عزّ وجلّ " ، وقال ابن أبي حاتم في قوله : { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } قال : " أنزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلَّفت وراءك لأهلك يا عمر ؟ " قال : خلَّفتُ لهم نصف مالي ، وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه حتى دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر ؟ " فقال : عدة الله وعدة رسوله ، فبكى عمر رضي الله عنه وقال : ( بأبي أنت وأمي يا أبا بكر والله ما استبقنا إلى باب خير قط إلا كنت سابقاً ) " ثم إن الآية عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل سواء كانت مفروضة أو مندوبة . ولكن روى ابن جرير عن ابن عباس في تفسير هذه الآية ، قال : جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً ، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفاً . وقوله تعالى : { وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ } أي بدل الصدقات ولا سيما إذا كانت سراً يحصل لكم الخير في رفع الدرجات ويكفر عنكم السيئات ، وقوله : { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } أي لا يخفى عليه من ذلك شيء وسيجزيكم عليه .