Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 276-277)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه يمحق الربا أي يذهبه ، إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه ، أو يحرمه بركة ماله ، فلا ينتفع به بل يعدمه في الدنيا ، ويعاقبه عليه يوم القيامة ، كما قال تعالى : { قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ } [ المائدة : 100 ] . وقال تعالى : { وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ } [ الأنفال : 37 ] ، وقال : { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ } [ الروم : 39 ] الآية . وقال ابن جرير : في قوله : { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَا } وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ( الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قلّ ) وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل " ، وهذا من باب المعاملة بنقيض المقصود كما قال صلى الله عليه وسلم : " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالإفلاس والجذام " . وقوله تعالى : { وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَاتِ } قرىء بضم الياء والتخفيف من ربا الشيء يربو أي كثّره ونمّاه ، وقرىء ( يربي ) بالضم والتشديد من التربية . قال البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوه حتى يكون مثل الجبل " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عزّ وجلّ يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد " وتصديق ذلك في كتاب الله : { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَا وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَاتِ } . وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا تصدق من طيب يقبلها الله منه ، فيأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله ، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله ، أو قال : في كف الله ، حتى تكون مثل أحد فتصدقوا " ، وعن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد " ، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرجل ليتصدق بالصدقة من الكسب الطيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فيتلقاها الرحمٰن بيده فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو وصيفه " . وقوله تعالى : { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } أي لا يحب كفور القلب ، أثيم القول والفعل ، ولا بد من مناسبة في ختم هذه الآية بهذه الصفة ، وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال ، ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح ، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل بأنواع المكاسب الخبيثة ، فهو جحود لما عليه من النعمة ، ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل . ثم قال تعالى مادحاً للمؤمنين بربهم ، المطيعين أمره ، المؤدين شكره ، المحسنين إلى خلقه في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، مخبراً عما أعد لهم من الكرامة وأنهم يوم القيامة من التبعات آمنون ، فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } .