Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 75-77)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { أَفَتَطْمَعُونَ } أيها المؤمنون { أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } أي ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود ، الذين شاهد آباؤهم من الآيات البينات ما شاهدوه ، ثم قست قلوبهم من بعد ذلك { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ } أي يتأولونه على غير تأويله { مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } أي فهموه على الجليّة ، ومع هذا يخالفونه على بصيرة { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله . وهذا المقام شبيه بقوله تعالى : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } [ المائدة : 13 ] وليس كلهم قد سمعها ، ولكن هم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها ، قال السدي : هي التوراة حرّفوها . وقال قتادة في قوله : { ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } هم اليهود كانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ووعوه ، وقال أبو العالية : عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم فحرفوه عن مواضعه ، وقال السدي : { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي أنهم أذنبوا ، وقال ابن وهب في قوله : { يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ } قال : التوراة التي أنزلها الله عليهم ، يحرفونها يجعلون الحلال فيها حراماً ، والحرام فيها حلالاً ، والحق فيها باطلاً والباطل فيها حقاً . وقوله تعالى : { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا } ، قال ابن عباس { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا } : أي قالوا : إنَّ صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة . { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } قالوا : لا تحدثوا العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم ، { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } أي تقرون بأنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه ، وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا ، اجحدوه ولا تقروا به . يقول الله تعالى : { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } ؟ وقال الضحاك : يعني المنافقين من اليهود كانوا إذا لقوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا آمنا ، وقال السدي : هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا . وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة نحن مسلمون ، ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ، فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر ، فلما أخبر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون ، وكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون فيقولون : أليس قد قال الله لكم كذا وكذا ، فيقولون : بلى ، قال أبو العالية : { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } يعني بما أنزل عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال قتادة : { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } كانوا يقولون سيكون نبيّ فخلا بعضهم ببعض فقالوا { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } . وعن مجاهد في قوله تعالى : { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم ، فقال : يا إخوان القردة والخنازير ، ويا عبد الطاغوت فقالوا من أخبر بهذا الأمر محمداً ؟ ما خرج هذا القول إلا منكم { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بما حكم الله للفتح ليكون لهم حجة عليكم . وقال الحسن البصري : هؤلاء اليهود كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قال بعضهم : لا تحدِّثوا أصحاب محمد بما فتح الله عليكم ، مما في كتابكم ليحاجوكم به عند ربكم فيخصموكم . وقوله تعالى : { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } يعني ما أسروا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوباً عندهم . وقال الحسن : { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } كان ما أسروا أنهم كانوا إذا تولوا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وخلا بعضهم إلى بعض ، تناهوا أن يخبر أحد منهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليهم مما في كتابهم ، خشية أن يحاجّهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما في كتابهم عند ربهم { وَمَا يُعْلِنُونَ } يعني حين قالوا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم آمناً .