Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 123-126)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس اهبطوا منها جميعاً : أي من الجنة كلكم { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } آدم وذريته ، وإبليس وذريته ، وقوله : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } قال أبو العالية : الأنبياء والرسل والبيان ، { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ } قال ابن عباس : لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي } أي خالف أمري وما أنزلته على رسولي ، أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه ، { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } أي ضنكاً في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره ، بل صدره ضيق حرج لضلالة وإن تنعّم ظاهره ، ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك ، فلا يزال في ريبة يتردد ، فهذا من ضنك المعيشة . قال ابن عباس { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال : الشقاء . وعنه : إن قوماً ضلالاً أعرضوا عن الحق ، وكانوا في سعة من الدنيا متكبرين ، فكانت معيشتهم ضنكاً ، فإذا كان العبد يكذب بالله ويسيء الظن به والثقة به اشتدت عليه معيشته فذلك الضنك . وقال الضحّاك : هو العمل السيء والرزق الخبيث . وروى سفيان بن عيينة ، عن أبي سعيد في قوله { مَعِيشَةً ضَنكاً } قال : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فيه . عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمن في قبره في روضة خضراء ويفسح له في قبره سبعون ذراعاً ، وينور له قبره ، كالقمر ليلة البدر ، أتدرون فيم أنزلت هذه الآية { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } ؟ أتدرون ما المعيشة الضنك ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " عذاب الكافر في قبره ، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً ، أتدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية ، لكل حية سبعة رؤوس ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم يبعثون " وروى البزار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عزَّ وجلَّ { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } قال : " المعيشة الضنك الذي قال الله إنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية ينهشون لحمه حتى تقوم الساعة " وقوله : { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } قال مجاهد والسدي : لا حجة له ، وقال عكرمة : عمي عليه كل شيء إلاّ جهنم ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يبعث أو يحشر إلى النار أعمى البصر والبصيرة أيضاً كما قال تعالى : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } [ الإسراء : 97 ] الآية ، ولهذا يقول : { رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } ؟ أي في الدنيا { قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } أي لما أعرضت عن آيات الله وتناسيتها وأعرضت عنها ، كذلك اليوم نعاملك معاملة من ينساك ، { فَٱلْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } [ الأعراف : 51 ] فإن الجزاء من جنس العمل ، فأما نسيان لفظ القرآن مع فهم معناه والقيام بمقتضاه ، فليس داخلاً في هذا الوعيد الخاص ، وإن كان متوعداً عليه من جهة أخرى ، عن سعد بن عبادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلاّ لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم " .