Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 131-132)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم ، فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور ، وقال مجاهد { أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } : يعني الأغنياء ، فقد آتاك خيراً مما آتاهم . ولهذا قال : { وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } . وفي " الصحيح " " أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المَشْرُبة التي كان قد اعتزل فيها نساءه حين آلى منهن ، فرآه متوسداً مضطجعاً على رمال حصير ، وليس في البيت إلاّ صُبْرة من قَرَظ واهية معلقة ، فابتدرت عينا عمر بالبكاء ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك يا عمر ؟ " فقال : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه ! فقال : " أو في شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا " ، فكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا في عباد الله ، ولم يدخر لنفسه شيئاً لغد . عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا " ، قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله ؟ قال : " بركات الأرض " " وقال قتادة والسدي { زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ } : يعني زينة الحياة الدنيا : وقال قتادة { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنبتليهم ، وقوله : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } أي استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها ، كما قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } [ التحريم : 6 ] . وقوله : { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب ، كما قال تعالى : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 - 3 ] ، ولهذا قال : { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } ، وقال الثوري : لا نسألك رزقاً : أي لا نكلفك الطلب . وقال ابن أبي حاتم ، عن ثابت قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله يا أهلاه صلوا ، صلوا . قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك ، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك " وعن زيد بن ثابت قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيقول : " من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلاّ ما كتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع له أمره ، وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة " ، وقوله { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } : أي وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة وهي الجنة لمن اتقى الله ، وفي " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت الليلة كأنا في دار ( عقبة بن رافع ) وأنا أتينا برطب من رطب ابن طاب ، فأوّلت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة ، وأن ديننا قد طاب " .