Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 17-21)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا برهان من الله تعالى لموسى عليه السلام ، ومعجزة عظيمة وخرق للعادة باهر دال على أنه لا يقدر على مثل هذا إلاّ الله عزَّ وجلّ ، وأنه لا يأتي به إلاّ نبي مرسل ، وقوله { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } قال بعض المفسرين إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس له ؛ وقيل وإنما قال له ذلك على وجه التقرير ، أي أما هذه التي في يمينك عصاك التي تعرفها ؟ فسترى ما نصنع بها الآن ، { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } ؟ استفهام تقرير ، { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا } أي اعتمد عليها ، في حال المشي ، { وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } أي أهز بها الشجرة ليتساقط ورقها لترعاه غنمي ، قال الإمام مالك : الهش أن يضع الرجل المحجن في الغصن ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ولا يكسر العود ، فهذا الهش ولا يخبط ، وقوله : { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } أي مصالح ومنافع وحاجات أُخر غير ذلك . وقوله تعالى : { أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } أي هذه العصا التي في يدك يا موسى ألقها ، { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } أي صارت في الحال حية عظيمة : ثعباناً طويلاً يتحرك حركة سريعة ، فإذا هي تهتز كأنها جان ، وهو أسرع الحيات حركة ، ولكنه صغير ، فهذه في غاية الكبر ، وفي غاية سرعة الحركة ، { تَسْعَىٰ } أي تمشي وتضطرب عن ابن عباس { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } ، ولم تكن قبل ذلك حية . فمرت بشجرة فأكلتها ، ومرت بصخرة فابتلعتها ، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ، فولى مدبراً ، ونودي أن يا موسى خذها ، ثم نودي الثانية أن خذها ولا تخف ، فقيل له في الثالثة إنك من الآمنين ، فأخذها . وقال وهب بن منبه : ألقاها على وجه الأرض ، ثم حانت منه نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون ، يدب يلتمس كأنه يبغي شيئاً يريد أخذه ، يمر بالصخرة فيلتقمها ، ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها ، عيناه تتقدان ناراً ، وقد عاد المحجن منها عرفاً ، فلما عاين ذلك موسى ولى مدبراً ولم يعقب ، فذهب حتى أمعن ، ورأى أنه قد أعجز الحية ، ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ، ثم نودي يا موسى أن ارجع حيث كنت ، فرجع موسى وهو شديد الخوف فقال { خُذْهَا } بيمينك { وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ } وعلى موسى حينئذٍ مدرعة من صوف ، فدخلها بخلال من عيدان ، فلما أمره بأخذها لف طرف المدرعة على يده ، ثم وضعها على فم الحية حتى سمع حس الأضراس والأنياب ، ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها ، إذا توكأ بين الشعبتين ولهذا قال تعالى { سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ } أي إلى حالها التي تعرف قبل ذلك .