Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 60-64)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن فرعون : أنه لما تواعد هو وموسى عليه السلام إلى وقت ومكان معلومين ، تولى : أي شرع في جمع السحرة من مدائن مملكته ، كل من ينسب إلى السحر في ذلك الزمان ، وقد كان السحر فيهم كثيراً نافقاً جداً ، كما قال تعالى : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } [ يونس : 79 ] ، ثم أتى : أي اجتمع الناس ، لميقات يوم معلوم : وهو يوم الزينة ، وجلس فرعون على سرير مملكته ، واصطف له أكابر دولته ، ووقفت الرعايا يمنة ويسرة ، وأقبل موسى عليه الصلاة والسلام متوكئاً على عصاه ، ومعه أخوه هارون ، ووقفت السحرة بين يدي فرعون صفوفاً وهو يحرضهم ويحثهم ويرغبهم في إجادة عملهم في ذلك اليوم ، ويتمنون عليه وهو يعدهم ويمنيهم ، يقولون { أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } [ الشعراء : 41 - 42 ] . قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً أي لا تخيلوا للناس بأعمالكم إيجاد أشياء لا حقائق لها ، وإنها مخلوقة وليست مخلوقة ، فتكونون قد كذبتم على الله { فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ } أي يهلككم بعقوبة هلاكاً لا بقية له ، { وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ * فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } قيل : معناه أنهم تشاجروا فيما بينهم ، فقائل يقول : ليس هذا بكلام ساحر ، إنما هذا كلام نبي ، وقائل يقول : بل هو ساحر ، وقيل غير ذلك ، والله أعلم . وقوله : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } : أي تناجوا فيما بينهم ، { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } وهذه لغة لبعض العرب ، جاءت هذه القراءة على إعرابها ، ومنهم من قرأ { إن هذين لساحران } ، والغرض أن السحرة قالوا فيما بينهم : تعلمون أن هذا الرجل وأخاه - يعنون موسى وهارون - ساحران عالمان خبيران بصناعة السحر ، يريدان في هذا اليوم أن يغلباكم وقومكم ويستوليا على الناس ، وتتبعهما العامة ويقاتلا فرعون وجنوده فينصرا عليه ، ويخرجاكم من أرضكم ، وقوله : { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } أي ويستبدا بهذه الطريقة وهي السحر ، فإنهم كانوا معظمين بسببها ، لهم أموال وأرزاق عليها ، يقولون : إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض وتفردا بذلك وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم ، وقد تقدم في حديث الفتون أن ابن عباس قال في قوله { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش ، وعن علي في قوله { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } قال : يصرفا وجوه الناس إليهما ، وقال مجاهد { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } قال : أولو الشرف والعقل والأسنان . { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } أي اجتمعوا كلكم صفاً واحداً ، وألقوا ما في أيديكم مرة واحدة ، لتبهروا الأبصار وتغلبوا هذا وأخاه ، { وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } أي منا ومنه ، أما نحن فقد وعدنا هذا الملك ، العطاء الجزيل ، وأما هو فينال الرياسة العظيمة .