Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 65-70)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن السحرة حين توافقوا هم وموسى عليه السلام أنهم قالوا لموسى { إِمَّآ أَن تُلْقِيَ } : أي أنت أولاً ، { وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ * قَالَ بَلْ أَلْقُواْ } : أي أنتم أولاً لنرى ماذا تصنعون من السحر ، وليظهر للناس جلية أمرهم ، { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } ، وفي الآية الأخرى أنهم لما ألقوا { وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الشعراء : 44 ] ، وقال تعالى : { سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 116 ] ، وقال هٰهنا : { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } . وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه ، وتضطرب وتميد بحيث يخيل للناظر أنها تسعى باختيارها ، وإنما كانت حيلة ، وكانوا جماً غفيراً وجمعاً كثيراً ، فألقى كل منهم عصاً وحبلاً حتى صار الوادي ملآن حيات يركب بعضها بعضاً ، وقوله : { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } أي خاف على الناس أن يفتنوا بسحرهم ، ويغتروا بهم قبل أن يلقي ما في يمينه ، فأوحى الله تعالى إليه في الساعة الراهنة ، أن ألق ما في يمينك يعني عصاك فإذا هي تلقف ما صنعوا ، وذلك أنها صارت تنيناً عظيماً هائلاً ذا قوائم وعنق ورأس وأضراس ، فجعلت تتبع تلك الحبال والعصي حتى لم تبق منها شيئاً إلاّ تلقفته وابتلعته ، والسحرة والناس ينظرون إلى ذلك عياناً جهرة نهاراً ضحوة ، فقامت المعجزة واتضح البرهان ووقع الحق وبطل السحر ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } ، فلما عاين السحرة ذلك وشاهدوه ، ولهم خبرة بفنون السحر وطرقه ووجوهه ، علموا علم اليقين أن هذا الذي فعله موسى ليس من قبيل السحر والحيل ، وأنه حق لا مرية فيه ، ولا يقدر على هذا إلاّ الذي يقول للشيء كن فيكون ، فعند ذلك وقعوا سجداً لله ، وقالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ، ولهذا قال ابن عباس : كانوا أول النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء بررة ، قال محمد بن كعب : كانوا ثمانين ألفاً ، وقال السدي : بضعة وثلاثين ألفاً ، وقال محمد بن إسحاق : كانوا خمسة عشر ألفاً ، وقال كعب الأحبار : كانوا اثني عشر ألفاً . قال الأوزاعي : لما خر السحرة سجداً رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها . قال وذكر عن سعيد بن جبير قوله { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً } قال : رأوا منازلهم تبين لهم وهم في سجودهم .