Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 83-84)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء من ماله وولده وجسده ؛ وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير وأولاد كثيرة ومنازل مرضية ، فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره . وقد روي أنه مكث في البلاء مدة طويلة ، ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد ، إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له ، كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين ، فقال له صاحبه : وما ذاك ؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به ، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل ، حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب عليه السلام : ما أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله ، فأرجع إلى بيتي فأكفّر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلا في حق . قال ابن عباس : ورد عليه ماله عياناً ومثلهم معهم ، وقال وهب بن منبه : أوحى الله إلى أيوب : قد رددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم ، فاغتسل بهذا الماء ، فإن فيه شفاءك ، وقرب عن صحابتك قرباناً واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك ، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما عافى الله أيوب أمطر عليه جراداً من ذهب ، فجعل يأخذ منه بيده ويجعله في ثوبه قال : فقيل له : يا أيوب أما تشبع ؟ قال : يا رب ومن يشبع من رحمتك " وقوله : { وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } قد تقدم عن ابن عباس أنه قال : ردوا عليه بأعينهم ، وقد زعم بعضهم أن اسم زوجته ( رحمة ) ويقال ( ليا ) نبت يعقوب عليه السلام ، وقال مجاهد : قيل له : يا أيوب إن أهلك في الجنة ، فإن شئت أتيناك بهم ، وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم ، قال : لا بل أتركهم في الجنة ، فتركوا له في الجنة ، وعوض مثلهم في الدنيا ، وقوله : { رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } أي فعلنا به ذلك رحمة من الله به { وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } أي وجعلناه في ذلك قدوة لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا ، وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله ، وابتلائه لعباده بما يشاء ، وله الحكمة البالغة في ذلك .