Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 87-88)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه القصة مذكورة هٰهنا وفي الصافات وفي سورة ن ، وذلك أن ( يونس بن متى ) عليه السلام بعثه الله إلى أهل نينوى ، وهي قرية من أرض الموصل ، فدعاهم إلى الله تعالى ، فأبوا عليه ، وتمادوا على كفرهم ، فخرج من بين أظهرهم مغاضباً لهم ، ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث ، فلما تحققوا منه ذلك وعلموا أن النبي لا يكذب ، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم ، ثم تضرعوا إلى الله عز وجل ، وجأروا إليه فرفع الله عنهم العذاب ، قال الله تعالى : { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } [ يونس : 98 ] . وأما يونس عليه السلام فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة ، فلججت بهم ، وخافوا أن يغرقوا ، فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه ، فوقعت القرعة على يونس ، فأبوا أن يلقوه ، ثم أعادوها فوقعت عليه أيضاً ، فأبوا ، ثم أعادوها فوقعت عليه أيضاً ، قال الله تعالى : { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } [ الصافات : 141 ] ، فقام يونس عليه السلام وتجرد من ثيابه ، ثم ألقى نفسه في البحر ، وقد أرسل الله سبحانه حوتاً يشق البحار ، حتى جاء فالتقم ( يونس ) حين ألقى نفسه من السفينة ، فأوحى الله إلى ذلك الحوت أن لا تأكل له لحماً ولا تهشم له عظماً ، فإن يونس ليس لك رزقاً ، وإنما بطنك تكون له سجناً ، وقوله : { وَذَا ٱلنُّونِ } يعني الحوت صحت الإضافة إليه بهذه النسبة ، وقوله : { إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } قال الضحّاك : لقومه { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } أي نضيّق عليه في بطن الحوت ، وقال عطية العوفي : أي نقضي عليه ، فإن العرب تقول : قدر وقدّر بمعنى واحد . ومنه قوله تعالى : { فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } [ القمر : 12 ] : أي قدّر ، وقوله : { فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ } قال ابن مسعود : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل ، وذلك أنه ذهب به الحوت في البحار يشقها حتى انتهى به إلى قرار البحر ، فسمع يونس تسبيح الحصى في قراره ، فعند ذلك قال : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } ، وقيل : مكث في بطن الحوت أربعين يوماً ، وقوله : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ } أخرجناه من بطن الحوت وتلك الظلمات { وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا . قال صلى الله عليه وسلم : " دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } ، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء إلى استجاب له " وفي الحديث : " من دعا بدعاء يونس استجيب له " ، قال أبو سعيد يريد به { وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } . وعن سعيد بن أبي وقاص . وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " اسم الله الذي دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ، دعوة يونس بن متى " قال : قلت يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال : " هي ليونس بن متى خاصة ، ولجماعة المؤمنين عامة إذا دعوا بها ، ألم تسمع قول الله عز وجل : { فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ * فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، فهو شرط من الله لمن دعاه به " " .