Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 98-103)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : مخاطباً لأهل مكة من مشركي قريش { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } قال ابن عباس : أي وقودها ، يعني كقوله : { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } [ البقرة : 24 ] . وفي رواية قال : { حَصَبُ جَهَنَّمَ } يعني حطب جهنم . وقال الضحّاك { حَصَبُ جَهَنَّمَ } : أي ما يرمى به فيها ، والجميع قريب ، وقوله : { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } : أي داخلون ، { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } يعني لو كانت هذه الأصنام والأنداد آلهة صحيحة لما وردوا النار وما دخلوها ، { وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } : أي العابدون ومعبوداتهم كلهم فيها خالدون ، { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } كما قال تعالى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] ، والزفير : خروج أنفاسهم ، والشهيق ولوج أنفاسهم { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } ، قال ابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود : إذا بقي من يخلد في النار جعلوا في توابيت من نار فيها مسامير من نار ، فلا يرى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره ، ثم تلا عبد الله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } ، وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } قال عكرمة : الرحمة ، وقال غيره : السعادة { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } . لما ذكر تعالى أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله ، عطف بذكر السعداء من المؤمنين بالله ورسوله ، وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا كما قال تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] ، وقال : { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] ، فكما أحسنوا العمل في الدنيا أحسن الله مآبهم وثوابهم ونجاهم من العذاب وحصل لهم جزيل الثواب ، فقال : { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } أي حريقها في الأجساد ، عن أبي عثمان { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } قال : حيات على الصراط تلسعهم ، فإذا لسعتهم قال حس حس ، وقوله : { وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } فسلمهم من المحذور والمرهوب ، وحصل لهم المطلوب والمحبوب . قال ابن عباس : { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } فأولئك أولياء الله يمرون على الصراط مراً هو أسرع من البرق ، ويبقى الكفّار فيها جثياً ، فهذا مطابق لما ذكرناه . وقال آخرون : بل نزلت استثناء من المعبودين ، وخرج منهم عزير والمسيح كما قال ابن عباس { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } ، ثم استثنى ، فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } فيقال : هم الملائكة وعيسى نحو ذلك مما يعبد من دون الله عزّ وجلّ ، وقال الضحّاك عن ابن عباس في قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } قال : نزلت في عيسى ابن مريم وعزير عليهما السلام . وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } قال : عيسى وعزير والملائكة ، وقال الضحّاك : عيسى ومريم والملائكة والشمس والقمر . والآية إنما نزلت خطاباً لأهل مكة في عبادتهم الأصنام التي هي جماد لا تعقل ليكون ذلك تقريعاً وتوبيخاً لعابديها ، ولهذا قال : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } فكيف يورد على هذا المسيح والعزير ونحوهما ممن له عمل صالح ولم يرض بعبادة من عبده ؟ وعول ابن جرير في تفسيره في الجواب على أن ( ما ) لما لا يعقل عند العرب . وقوله : { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } قيل : المراد بذلك الموت ، قاله عطاء . وقيل : المراد بالفزع الأكبر النفخة في الصور ، قاله ابن عباس واختاره ابن جرير في تفسيره . وقيل : حين يؤمر بالعبد إلى النار ، قاله الحسن البصري ؛ وقيل : حين تطبق النار على أهلها ، قاله سعيد بن جبير وابن جريج ، وقوله : { وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } يعني تقول لهم الملائكة تبشرهم يوم معادهم إذا خجروا من قبورهم { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي فأملوا ما يسركم .