Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 95-97)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ } قال ابن عباس : وجب ، يعني قد قدر أن أهل كل قرية أهلكوا أنهم لا يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وفي رواية عن ابن عباس أنهم لا يرجعون أي لا يتوبون ، والقول الأول أظهر والله أعلم ، وقوله : { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } قد قدمنا أنهم من سلالة آدم عليه السلام ، بل هم من نسل نوح أيضاً من أولاد ( يافث ) أي أبي الترك ، والترك شرذمة منهم ، { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } أي يسرعون في المشي إلى الفساد ، والحدب هو المرتفع من الأرض . وهذه صفتهم في حال خروجهم ، كأن السامع مشاهد لذلك { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [ فاطر : 14 ] هذا إخبار الذي يعلم غيب السماوات والأرض لا إلٰه إلا هو ، وقال ابن جرير : رأى ابن عباس صبياناً ينزو بعضهم على بعض يلعبون ، فقال ابن عباس : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج ، وقد ورد ذكر خروجهم في أحاديث متعددة من السنّة النبوية ، فروى الإمام أحمد . عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس ، كما قال الله عزّ وجلّ : { وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ، ويشربون مياه الأرض ، حتى إن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يابساً ، حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول : قد كان هٰهنا ماء مرة ، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة ، قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء ، قال : ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دماً للبلاء والفتنة ، فبينما هم على ذلك بعث الله عزّ وجلّ دوداً في أعناقهم كنغف الجراد الذي يخرج في أعناقه . فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس ، فيقول المسلمون : ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو ، قال : فينحدر رجل منهم محتسباً نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل ، فيجدهم موتى بعضهم على بعض ، فينادي : يا معشر المسلمين ألا أبشروا إن الله عزّ وجلّ قد كفاكم عدوكم ، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم ، فما يكون لهم رعي إلا لحومهم فتشكر عنهم كأحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط " . وفي حديث الدجال : " فبينما هم كذلك إذ أوحى الله عزّ وجلّ إلى عيسى ابن مريم عليه السلام أني قد أخرجت عباداً من عبادي لا يدان لك بقتالهم ، فحرر عبادي إلى الطور فيبعث الله عزّ وجلّ يأجوج ومأجوج ، كما قال تعالى : { وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عزّ وجلّ ، فيرسل عليهم نغفاً في رقابهم فيصبحون فَرْسَى كموت نفس واحدة ، فيهبط عيسى وأصحابه ، فلا يجدون في الأرض بيتاً إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عزّ وجلّ ، فيرسل الله عليهم طيراً كأعناق البُخْت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله " ، قال ابن جابر : فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره قال : فتطرحهم بالمهيل . قال ابن جابر ، فقلت : يا أبا يزيد وأين المهيل ؟ قال : مطلع الشمس ، قال : " ويرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر أربعين يوماً ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلَقَة ، ويقال للأرض انبتي ثمرك ودري بركتك ، قال : فيومئذٍ يأكل النفر من الرمانة ، فيستظلون بقحفها ويبارك في الرسل ، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر تكفي الفخذ ، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت ، قال : فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عزّ وجلّ ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم - أو كما قال مؤمن - ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة " . وقد ثبت في الحديث أن عيسى ابن مريم يحج البيت العتيق ، وعن أبي سعيد قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج " وقوله : { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } يعني يوم القيامة إذا حصلت هذه الأهوال والزلازل والبلابل أزفت الساعة واقتربت ، فإذا كانت ووقعت ، قال الكافرون : هذا يوم عسر ، ولهذا قال تعالى : { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي من شدة ما يشاهدونه من الأمور العظام ، { يٰوَيْلَنَا } أي يقولون يا ويلنا { قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } أي في الدنيا { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } يعترفون بظلمهم لأنفسهم حيث لا ينفعهم ذلك .