Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 18-18)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له ، فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعاً وكرهاً ، وسجود كل شيء مما يختص به كما قال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } [ النحل : 48 ] وقال هٰهنا { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } ، أي من الملائكة في أقطار السماوات ، والحيوانات في جميع الجهات ، من الإنس والجن والدواب والطير ، { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } [ الإسراء : 44 ] ، وقوله { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ } [ الأعراف : 54 ] إنما ذكر هذه على التنصيص لأنها قد عبدت من دون الله ، فبين أنها تسجد لخالقها وأنها مربوبة مسخرة ، { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ } [ فصلت : 37 ] الآية . وفي " الصحيحين " عن أبي ذر رضي الله عنه قال ، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " أتدري أين تذهب هذه الشمس ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنها تذهب فتسجد تحت العرش ، ثم تستأمر فيوشك أن يقال لها ارجعي من حيث جئت " " وفي حديث الكسوف : " إن الشمس والقمر خلقان من خلق الله وإنهما لا ينكسفان لموت واحد ولا لحياته ولكن الله عزّ وجلّ إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له " . وقال أبو العالية : ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجداً حين يغيب ثم ينصرف حتى يؤذن له فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه ، وأما الجبال والشجر فسجودهما بفيء ظلالهما عن اليمين والشمائل . وعن ابن عباس قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدتُ ، فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجراً ، وضع عني بها وزراً ، واجعلها لي عندك ذخراً ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود . قال ابن عباس : فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدة ، ثم سجد فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة . وقوله : { وَٱلدَّوَآبُّ } أي الحيوانات ، كلها ، وقد جاء في الحديث عن الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ ظهور الدواب منابر ، فرب مركوبة خير وأكثر ذكراً لله تعالى من راكبها . وقوله : { وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ } أي يسجد لله طوعاً مختاراً متعبداً بذلك ، { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } أي ممن امتنع وأبى واستكبر ، { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } . وقال ابن أبي حاتم : قيل لعلي إن هٰهنا رجلاً يتكلم في المشيئة ، فقال له علي : يا عبد الله ، خلقك الله كما يشاء أو كما شئت ؟ قال : بل كما شاء ، قال : فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت ؟ قال : بل إذا شاء ، قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت ؟ قال : بل إذا شاء ، قال : فيدخلك حيث شئت أو حيث يشاء ، قال : بل حيث يشاء . قال : والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف ، وعن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد لها اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار " .